احمد عبد الرحمن
كانت طلقة طائشة في لحظة عابرة تسببت بمقتل شخصية سياسية مهمة ادت الى اندلاع الحرب العالمية الاولى التي استمرت اربعة اعوام وخلفت ملايين القتلى والجرحى والمشردين فضلا عن الدمار الهائل.وكانت انفعالات غاب عنها دور العقل والمنطق ادت الى اندلاع الحرب العالمية الثانية التي دامت ستة اعوام وخلفت دمارا وخرابا بشريا وماديا اكثر مما خلفته الحرب العالمية الاولى.هكذا حال كل الحروب والصراعات التي شهدتها البشرية في مختلف مراحلها وحقبها الزمنية، وحتى نقترب من الواقع ولانذهب بعيدا، فأننا حين نتوقف عند الحرب العراقية الايرانية التي استمرت ثمانية اعوام، ونتأمل في خلفياتها وبداياتها ونهاياتها نجد ان نزعات الانا والتسلط والهيمنة والحقد هي التي اشعلت شرارتها الاولى وهي التي ساهمت في استمرارها لفترة طويلة من الزمن لتخلف ماسي وكوارث مازالت اثارها شاخصة حتى الان، ونفس الشيء بالنسبة لحرب الخليج الثانية، التي حركتها انفعالات وعقد واحقاد شخصية لتأتي على الاخضر واليابس، وتعيد العراق عقود من الزمن الى الوراء.ولعل رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم اشار الى هذا الجانب في كلمته بالملتقى الثقافي الاسبوعي يوم الاربعاء الماضي، في سياق عرضه وتحليله ورؤيته للخطاب المتشنج الذي تتبناه بعض الجهات والشخصيات السياسية والدينية والوسائل الاعلامية من اجل تحقيق مكاسب واجندات معينة لاتصب في مصلحة ابناء الشعب العراقي، بل على العكس من ذلك، تلحق اكبر الضرر والاذى بهم. وبعد عقود من التجارب المريرة التي عاشها العراق بسبب الانفعالات ، والسياسات الارتجالية والتسرع وانعدام الحكمة والتبصر لدى من بأيديهم مصائر البلاد والعباد، ينبغي على الذين هم في مواقع السلطة والنفوذ والمسؤولية، سواء كانوا من رجالات السياسة او الدين او الفكر والثقافة او المال، ان يضعوا نصب اعينهم احداث ووقائع الماضي، ويحرصوا اشد الحرص على عدم تكرارها، وبدلا من ان يتسببوا بأزهاق المزيد من الارواح البريئة، وتبديد المزيد من الثروات والموارد الثمينة على نزاعات وصراعات وحروب لابد لها ان تتوقف في نهاية المطاف، بدلا من ذلك عليهم ان يضمدوا الجراح النازفة، ويجبروا القلوب المنكسرة والمحطمة، ويقربوا النفوس المتباعدة والمتنافرة، ويزرعوا الحب الود والالفة والتعايش ويجتثوا الحقد الكراهية والضغينة والتامر، ويعيدوا بناء ما تهدم من هذا الوطن، ويأخذوا بيد الفقير والمسكين ويمسحوا على رأس اليتيم، لا ان يزيدوا من اعداد الفقراء والمساكين والايتام ويوسعوا من مساحات الخراب والدمار المادي والنفسي والمعنوي.للاسف الشديد معظم مايطرح حاليا على السنة الكثير من الساسة ورجال الدين والخطباء ووسائل الاعلام الموجهة، لايختلف كمن يصب الزيت على النار ليزيدها اضطراما واشتعالا.لايحتاج العراق الى المزيد من الحروب والصراعات العبثية الدموية، بل يريد البناء والاعمار والنهوض والتطور ورعاية الحقوق وحفظها وطوي صفحات الظلم والاقصاء والتهميش، وعدم معالجة الاخطاء بأخطاء اخرى، وعدم التشبث بأدران الماضي واسماله البالية.
https://telegram.me/buratha