المقالات

حيث لا مرابط لأفراسهم...! بقلم: قاسم العجرش* كاتب وإعلامي

573 20:28:00 2013-02-27

     الثوابت الوطنية: تتلقفها الألسن ويداولها الساسة، ولا يكاد يخلون بيان من بياناتهم لهذه العبارة التي أمست "ثابتا" وخبزهم اليومي الذي يتغذون به على قصاع رؤوسنا، كلما أرادوا أن يلعبوا لعبة جديدة...من خلالها يحاولون دوما أن يؤكدوا إخلاصهم لما يعتنقون، وما يعتنقون إلا أنفسهم..لقد باتت أداة من الأدوات السياسية مع أنها غيمة تعيش وتنمو في القاع النتن لوادي التنظير السياسي...

     الثوابت الوطنية من أشد العبارات السياسية غموضا، ومع ذلك فهي من أكثر التعبيرات تداولا..وتسألونهم ـ أي متداوليها ـ عن مدلولها الفكري أو تطبيقاتها على الأرض، فيحارون جوابا ويلجئون إلى الماء بالماء تفسيرا بعد جهد...

     في عصورنا الحديثة ولأن التواصل والاتصال بات أكثر يسرا، تشكل لكل منا مفهوم للوطن يمتد مداه حسب مقدار تواصله ومديات اتصاله. الوطن بات لكثير منا أبعد من القرية والمدينة والولاية والدولة ..

    دعونا نقلب تاريخنا الإسلامي وتراثنا العقيدي باحثين عن جذر لتعبير الثوابت الوطنية..بحثنا..فلما نجد لها أصل ولا فرع. إذا هي من وافدات عصر التنوير كما يسميه المنظرين الغربيين، أو عصر احتلالهم الفكري والثقافي لعقولنا كما ينبغي أن يسمى..

    في تراثنا العربي اللغوي، هذا الذي نوشك أن نتخلى عنه لأنه بات خطرا على العروبجية وأدعياء الوطنية لأنه يفضح مآربهم، وحيث لا مرابط لأفراسهم فيه، نقرأ في معجم العين: لمن هو من هو، الخليل بن أحمد الفراهيدي: "الوطن: موطن الإنسان ومحلّه وأوطان الأغنام: مرابضها التي تأوي إليها، ويقال: أوطن فلان أرض كذا، أي: اتّخذها محلا ومسكناً يقيم بها"...

    وفي القاموس المحيط «المعنى اللغوي لكلمة وطن: منزل الإقامة ومربط البقر والغنم، الجمع أوطان، ووطن به يطن وأوطن: أقام. والإقامة قد تكون في قرية أو مدينة، وبذلك تصلح المدينة أو القرية لأن تكون وطناً».

     في تراثنا الإسلامي الفقهي؛ حيث نحب نعم، نتعصب..لا، وحيث لا تعصب حتى إلى الأوطان مع حبنا الشديد لها، ثمة معيار إسلامي للوطن تحدده الصلاة: الوطن محل الإقامة، فمن كان له وطن فانتقل عنْه واستوطن غيره، ثم سافر فدخل وطنه الأول قصر في صلاته؛ لأنه لم يبق وطنا له...

    تغيير الوطن جعل مقياساً للقصر في الصلاة، ألا ترى مثالاً برسول الله حيث أنه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله بعد الْهجرة عد نفسه بمكة من الْمسافرين، وهذا؛ لأن الأصل أن الوطن الأصلي يبْطل بمثْله دون السفر، ووطن الإِقامة يبطل بمثْله وبِالسفر وبالْأصلي...ولم يعتبر نفسه في وطنه، لأن وطنه قد صار المدينة، أي أنه قد اتخذها مسكناً ومقاماً دائما.وتعلمون أن مكة محل مولده وبيت أهله وعشيرته..

    وكنتيجة للبحث بما أدى إلى نشوء العصبيات، يمكننا القول إن فهما مستحدثا للوطن قد نشأ وفقا لمفهوم من يعتنقون تعبيرات السياسة الحديثة، كونه بلداً ترتبط فيه جماعة من الناس يتعين أن تلتزم بسيادة الدولة وإطاعة الحاكم..وهذا بالضبط ما يعنيه الساسة باستخدامهم المفرط لعبارة الثوابت الوطنية..سيادة الدولة وإطاعة الحاكم صلح أم فجر، لأنه الباب الذي من خلاله يتسيدون على رقابنا مثلما تسيدوا من قبل...

كلام قبل السلام:مثلما في اللغة، في الإسلام أيضا لا مرابط لأفراس الساسة وألاعيبهم...!

 سلام.....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك