في سرّي طبعا(ذلك لأني اخاف)أشتم الحكومة بأقذع ما في لغتي من بذاءة،كلما أبصرتُ ابني وهو يغسل وجهه بماء الحنفية المالح،ساعة خروجه للمدرسة،صباح كل يوم،وفي سرّي،(بكل تأكيد)لا أتركُ لفظة من التي يتبارى بها السوقة والعتّالون والقوادون وسواهم إلا وقلتها،ساعة أحدّق بوحه أمي وهي تتوضأ لصلاتها بماء الحنفية المالح،المر .كذلك أقول كلما ماتت شجيرة صغيرة في حديقتي التي أهلكها ماء الحكومة المالح والمر،ومثلها أكرر وأكرر مع حفيدي حين تأخذه امُّه للحمام.
لكني وعندما لم أجد في الشتائم نفعا لي،ولا ضررا بأحد توجهت إلى ربي بالدعاء،ومن رجل محترق قلبه، مظلوم، مقهور،سُدّت في وجهه السبل،نعم بالدعاء والويل والثبور على مسئولي الماء ووزارة الزراعة والموارد المائية ودائرة الري وشركات الحفر والتعميق،من التي تنتشل الغوارق في شط العرب والتي لا تنتشل أصلا،وعلى أعضاء الحكومة المحلية والفدرالية فردا فردا ،وعلى اعضاء البرلمان جميعا،ولا أفرقُ بين احد منهم بسوء العاقبة،والهلاك وعفونة المنقلب توجهت عليهم بالدعاء كلما تذكرت مئات المليارات من الدولارات التي سرقها أيهم السامرائي وعبد الفلاح السوداني وسواهما من الأحياء والأموات.كلما قرأت في الصحائف الأرقام الخيالية بأموال كبار المسئولين في الحكومة والبرلمان.
لا أعلم ما إذا دخل رئيس الوزراء نوري المالكي في زيارته الأخيرة للبصرة بيت المحافظ،أو دار استراحته،على شط العرب،ولا أقول دخل بيتا من بيوت اهل البصرة، وتوضأ للصلاة بماء الحنفية،او تمضمض به بعد وجبة العشاء،لكني على يقين بان محافظ المدينة الدكتور خلف عبد الصمد سيقول له بان زيادة الملوحة بماء البصرة،هذه المرة،إنما جاءتنا من الناصرية،التي لم تطلق حصتنا من ماء نهر الفرات،هكذا مثلما كانت الدوائر الرسمية وغير الرسمية تلقي باللائمة على إيران التي تلقي بمياه البزل في شط العرب،او مثلما كانت تفعله بنا دوائر الري في العمارة،التي لم تطلق حصتنا من مياه نهر دجلة،وربما كانت امواج البحر،بحرنا الذي نسمع به ولا نراه،هي السبب في ارتفاع نسبة الملوحة بمياهنا.ترى اما لهذا اللغز من نهاية؟
منذ أكثر من 30 سنة لم يشرب سكان البصرة من ماء حنفياتهم،(كانوا يشربونه عسلا من أنهارهم والله)وكان صدام حسين يهدد أهل الرمادي،بعد حادثة الطيار محمد الدليمي والتي قال فيها قولته المشهورة :( ترى اخليكم مثل اهل البصرة،جليكاناتهم على ظهورهم،يدورون على المي الحلو وما يحصلون عليه)نعم يا صدام حسين،هي سنتك السيئة إذن،نقول لك وأنت في مقبرك الوسخ،أن أطمئن ،فها نحن وبعد تعاقب الحكام(الوطنيين)علينا لا زالت (جليكاناتنا) على ظهورنا وبين أيدينا ونشتري الماء الحلو مثلما نشتري البنزين والكاز والغاز.
يطالب رئيس مجلس البصرة صباح حسن المسؤولين في الناصرية بغلق قناة الخميسية،المنحدرة من المصب العام،والتي أغرقت البصرة بمياه البزول المالحة ويقول مدير دائرة التخطيط والأعمار في المجلس المهندس عباس ماهر إن وزارة الري والموارد المائية لم توافق على بناء السد المقترح من قبل حكومة البصرة في نقطة أبو الفلوس،ويقول مسئول في دائرة الزراعة إن مشروع القناة الإروائية،التي تنقل الماء من القرنة إلى الفاو ،بمسافة حوالي 180 كلم والتي يجري العمل بها منذ 3 سنوات أو أكثر مشروع فاشل،ويقول عضو نقابي في دائرة الميناء إن الشركة التركية التي تنتشل الغوارق في مياه شط العرب لم تنتشل شيئا ذا اهمية،بمعنى أن الشط سيظل مطمورا،غير قابل للكري والتنظيف وزيادة الأعماق لتلافي الألسنة الملحية التي تجتاحه كل صيف، وهكذا تصطدم كل مشاريع تحلية ماء البصرة بعقبات لا تعد.
بعد أن أصبحت قضايا مثل الكهرباء والماء والطرق والمجاري والخدمات في الدول ذات الموازنات المالية الكبيرة،ترى هل يعقل أن حكومة بموازنة خيالية،وبعد 10 سنوات من (الحكم الوطني)عاجزة عن إقامة مشروع تحلية عملاق في مدينة يقطنها قرابة ثلاثة ملايين نسمة،تنتج ثلاثة ملايين برميل نفط يوميا؟ ألا تخجل الحكومة من نفسها،ألا تستحق الشتائم واللعنات؟
23/5/13228
https://telegram.me/buratha