حيدر حسين الاسدي
مرت أشهر الأزمة السياسية والتظاهرات العارمة في بعض المحافظات العراقية ، ثقيلة وخانقة وهي تهدد العملية السياسية ومسار الديمقراطية التي اختارها الشعب بعد سنوات جائرة بحكامها وحقوق مستباحة وظلم منتشر.ولا يختلف العراقيون بأن دوامة الأزمات المتتالية أخرجت عجلة البلاد من مسارها الطبيعي ، وحولتها لطوق نجاة للكثير من القوى السياسية المتصدية للمسؤوليات التنفيذية والتشريعية في إنقاذها من الإخفاقات والفشل في توفير الخدمات وأبسط متطلبات العيش الكريم .فكلما اشتد وطيس الأزمة وضاق الخناق في الخروج من نفقها تتعالى أصوات السياسيين باللجوء للمرجعية والجلوس للاستماع الى أرائها والسير على نهجهم والقبول بكل الأفكار التي يقدموها ، لكن واقع الحال يظهر عكس ذلك تماماً فرأي المرجعية غير متبع والسير على نهجها غير مطبق ، والأزمة الأخير خير دليل على ذلك ، فبعد ما قدمت المرجعية الدينية خارطة طريق واقعية تبدأ بالحوار وتستمر بتنفيذ حقيقي للاتفاقات ضمن الأطر الدستورية ، نجد ان الجهات التنفيذية تنصلت من ذلك وحاولت ان تقدم الأزمة على انها صراع طائفي تقسيمي يريد بالعراق وأهله الشر ويجب التصدي له بالقوة والسلاح وضرب كل المتظاهرين وعدم الاستجابة لمطالبهم وحقوقهم المشروعة ، بالمقابل تُقدم القيادات التنفيذية نفسها على أنها الممثل الوحيد والشرعي للطائفة وهي المنقذ والحامي للطائفة وأبناءها ، متناسيه ان لا ممثل يملك الشرعية بالتحدث باسم شيعة أهل البيت الا المرجعية التي تمتلك البعد الروحي والنفسي لدى عموم الشعب والذي يعول عليه في حسم الإشكالات وجمع الأطراف وصولاً بالعراق الى بر الأمان.بالمقابل نجد أختلاف البعض مع ما تقوله المرجعية وتتبناه من دعوات الحوار والحل للازمات ، نتيجة للشحن الطائفي الذي يمر به البلاد وتغذية الأطراف السياسية من كلا الجانبين في محاولة منهم للكسب الانتخابي والحصول على أصوات أكثر ، تاركين خلف ظهورهم مصالح البلد العليا ومفاهيم الشراكة والإخوة معتقدين ان مسك زمام الحكم والقيادة مبني على عدد الأصوات وما يحصل عليه من مقاعد في مجالس المحافظات ، أن المرجعية الدينية يمكن تشبيهها بالطبيب المعالج لمريض مُعتل لا يمكن لها أن تنساق لرغبات من تعالج بل عليها ان تصر على العلاج الصحيح رغم مرارة العلاج وآلامه وصولاً للنتائج الايجابية .وعلى بعد خطوات من انتخابات مجالس المحافظات التي تعتبر الاختبار الحقيقي لصدق نوايانا في حسن الاختيار لشخوص مشهود لهم بالنزاهة والإخلاص والتفاني في خدمة الوطن والمواطن والتزام بمطالبات المرجعية بضرورة المشاركة ووضع خيار الناخب في صندوق الاقتراع.نحتاج لان نؤمن إيمان حقيقي بالعملية الديمقراطية ونقف الى جانبها ونساند مشروعها ، الذي تصر دائماً مرجعياتنا الدينية ان ندعمه ونقف الى معه رغم الملاحظات والإخفاقات التي تحتاج الى من يصححها ويصحح طريقها لنثبت للعالم ان خيارنا هو الأجدر والأصح ونستمع بتفكر وتحليل للتوجيهات الصادرة من مكاتبها وهي تساند الأجدر والأفضل وتحرم اختيار المسيء والفاسد ، وبذلك نكون قد نجحنا بصد من يراهن على أعادة الوضع الى ما قبل عام 2003 ويثبت ان الديمقراطية العراقية فاشلة وحكم الشعب لنفسه لا نفع فيه.
https://telegram.me/buratha