قانون يتكرر في كل يوم وفي كل بقاع الارض.. رغم ذلك لا نتعلم الدرس ونستمر بتطرفنا وعنادنا. فما ان تميل الدنيا قليلاً لنا الا ونطمع بكل شيء.. ونتصور ان "عبقريتنا" هي التي رفعتنا.. واننا قادرون على فعل كل ما نشاء، والاحتفاظ بما نشاء.
لن نذهب للامثلة البعيدة في المكان والزمان.. فلقد اراد مبارك كل شيء، فخسرت مصر، بل خسر مبارك نفسه وعائلته.. وكذلك اراد القذافي وحزبا البعث في سوريا والعراق ان يحكما بنظرية الرجل القائد والحزب الواحد، فلم تدم لهم الدنيا.. وخربوا بيوتهم بعد ان خربوا البلاد.
تفاءلت الاغلبية الساحقة بالتحولات التي حصلت في العراق.. وكذلك بالصحوات العربية.. ورغم اننا لم نفقد التفاؤل لكننا نشعر بالقلق الشديد من موجات التطرف التي اخذت تسود.. ليس بالنسبة للانظمة فقط، بل للقوى السياسية والجماهير. مما يستلزم التشديد على حقيقتين وليست حقيقة واحدة. اما الاولى فهي ان من يصعد للسلطة لا ينقل بالضرورة المفاهيم التي كان يرددها عندما كان معارضاً.. فيجدد انظمة الاستبداد والظلم، بعد ان تبتلعه مغريات السلطة وقوانينها والتي تتطلب وعياً استثنائياً للصمود بوجهها.. فينجرف في ذلك، دون ان يشعر بالضرورة بالاخطاء والاخطار التي تتسلل وتعشعش وتحيط به، مجددة الدمار والانقسام الذي ثار للقضاء عليهما. اما الحقيقة الاخرى، فهي ان من دارت عليه الايام، وخسر السلطة، لم يتعض بالدروس واسباب الفشل، فيسعى بنفس الشعارات والمبادىء والخطاب للعودة اليها. فيصبح سلوك السلطة وكأنه الحبل السري الذي يزود جنين معارضته بغذائها.. لتصبح الاخيرة بسلوكها وخطابها وكأنها الحبل السري الذي يزود النظام بغذائه.. فيصبح كل منهما مبرر وجود الاخر.. فندور في دوامة الفوضى والتغييرات والاحباطات.
فالمشكلة ليست في القمة والبنية الفوقية فقط.. بل هي في القاعدة والبنية التحتية ايضاً.. وان غياب الوعي والرأي العام وادواته.. وتراجع تقاليد العمل السياسي والمؤسسات العريقة.. وانتشار الثقافات المنغلقة التي تتجه لتنزيه الـ "انا" كفكر وحزب وحركة.. وادانة وتسقيط الاخر كمجتمع وتيارات وقوى.. وعدم الاعتراف به ابتداءاً، هي النواتات التي ستنمو.. لتصبح قوالب تسجن عقولنا وسلوكنا، سواء اكنا في حراك سلطوي او شعبي.. لتفرخ في الحالتين نزعات الحقد والعنف والاستيلاء والتفرد.. فنراكم ونكرر الفشل والدمار.. بدل ان نراكم ونكرر الانجاز والنجاح.
15/5/13303
https://telegram.me/buratha