في مسار بناء دولة مؤسسات يفترض أن نتوقع بأن السياسة شيء، والأداء المؤسسي شيء آخر، وأنه حتى لو وصلت العملية السياسية إلى حد الانهيار أو أنها انهارت فعلا، فإن مؤسسات الدولة ـ سيما الأمنية منها ـ تبقى مؤدية واجباتها بشكل "طبيعي"، وكي لا نكون مسرفين بالتفاؤل نقول أن أداءها في أوقات الأزمات يفترض أن يكون "طبيعيا"، وليس متميزا في أسوأ التقديرات...
ويبدو أننا كنا قد أسرفنا بالتفاؤل حينما ذهبنا إلى ذلك الافتراض وتوقعناه، ليس بسبب عدم صوابية الافتراض، بل بسبب أن خنادق السياسة وخنادق مؤسسات الدولة باتت متداخلة ومتشابكة إلى حد بعيد، فبات التمييز بينها كي نرسم خطوطا فاصلة مهمة تقترب من المستحيل.
وفي إسرافنا على أنفسنا توقعنا أن ساستنا العاملين في مؤسسات دولتنا سيسارعون لتحمل مسؤولياتهم التي تفرضها اللحظة التاريخية الحرجة التي يمر بها الوطن، وكان تفاؤلنا مبنيا على إنهم هم أيضا عراقيون مثلنا يحملون بطاقة تموينية!.. وأنه يصيبهم ما يصيب الشعب العراقي من مآس وآلام نتيجة للهجمات الإرهابية التي أخذت نسقا جديدا، وتطورت تطورا خطيرا..وكي ننصفهم وننصف أنفسنا، تابعنا بتركيز عال ردود أفعالهم على تلك التطورات، ولكن تبين أن تلك الردود لم ترتق الى مستوى الحدث، بل إن بعض القوى والكتل السياسية لم تتفاعل أصلا، وبدا الأمر وكأنه لا يعنيهم، فيما قللت كتل وقوى وساسة ومسؤولون حكوميون، بينهم قادة أمنيون كبار من مستوى الأحداث، وأحد مسؤولي وزارة الداخلية ذهب بعيدا في هذا المضمار، إذ عد العمليات الإرهابية الأخيرة ـ على جسامتها وجسامة الخسائر الناتجة عنها ونوعيتها وأماكن وكيفية حدوثها ووسائل تنفيذهاـ "أحداثا " بسيطة، و" وإنها تحصل في كل مكان من العالم" ومثلما يقول المثل العراقي الدارج "شيء ما يشبه شيء".
وفي لعبة "إبراء الذمة" وحتى لا يقال إن الحكومة لم تفعل شيئا، توقع مسؤول كبير آخر أن تتصاعد العمليات الإرهابية وحذر من خطورتها وأهاب بالقوات الأمنية إتخاذ الحيطة والحذر..
واحد يقول أحداث بسيطة وآخر يقول خطيرة، وتلك مسألة تنبئ أننا بتنا "الكرة" في قواعد لعبة كرة السلة الأمريكية USA BASKETBALL RULES، فقط عندما تسقط في الأرض خمس مرات تحتسب خطأ على اللاعب....
إننا نعتقد بل واثقون من أن إخواننا وأبناءنا الجنود والشرطة ومنتسبي المؤسسات الأمنية، هم رجال شجعان ومضحون بأمتياز وتصدوا ويتصدون بشرف وبسالة ضد أعداء العراقيين أيا كانوا، بالرغم من نقص التسليح والتجهيز والتدريب والخبرة، وبالرغم من أنهم يخوضون حربا شرسة ضد عدو مستتر، والشاهد على ما نقول تضحياتهم الجسيمة التي تفوق تضحيات حروب نظامية تخوضها الجيوش الكبرى، غير أن الذي ينقصهم مع الأسف هو القيادات الحريصة الصريحة ..
كلام قبل السلام : إذا لم نجد شيئاً في الحياة نموت من أجله، فإن أغلب الظن أننا لن نجد شيئاً نعيش من أجله.....!
سلام...
https://telegram.me/buratha