المقالات

الحاكم السياسي .. متى يكون محبا للرعية

442 11:24:00 2013-03-04

محمد صالح الشرماني

متى يأتي ذلك اليوم ونسمع به ان كل السياسيون هم قدوة لنا، على اعتبار ان الشعب عندما اختارهم ليمثلوهم في بناء بلدهم هم على اعلى قمة من الشرف والنزاهة، ولكن غالبا ما يتفاجأ المواطن بأن المظهر الذي رغب بأن يظهر به ذلك السياسي كان باطنه مملوء بالمصالح والمنافع الشخصية. فلابد ان تجتمع عصيهم ويصبحون يد واحدة وتتوحد كلمتهم وصفوفهم خدمة لبلدهم.فلوا رجعنا الى الوراء الى عصر الخلافة والولاية ونطلع على سيرة من سبقونا في حكم البلاد في زمن الانبياء والائمة(ع)، وكيف كانت قيادتهم وحكمهم على شعبهم وكيفية اختيارهم لمن يولوه على حكم ولاياتهم، نذكر هنا خير مثال وقدوة لنا نقتدي به هو من تغذى من فكر ونهج الرسول محمد(ص) " الصحابي الجليل سلمان المحمدي" عندما ولي امارة المدائن والياً عليها، واين كان يسكن؟ لم يتخذ فيها ما يسكن فيه بل كان يتخذ من الاشجار ذات الاغصان مكاناً يستظل به وينام تحته او الجدران العالية كجدران ايوان كسرى وغيره فيتكئ عليها وعنده عباءته التي يفترش نصفها منه ويتغطى بالنصف الاخر.وكيف بقي المرؤوسون معه من موظفي مؤسسة امارة المدائن يلحّون على الامير بأن يتخذ بيتاً يسكن فيه وهو يمانع ويأبى واخيرا طرح احدهم عليه ان يبني له بيتاً، ولكن كيف كان ذلك البيت؟ كان بيته اذا قام به ضرب رأسه السقف، واذا نام لن يستطيع ان يمد رجليه، وهكذا كان بيته الذي عاش ومات فيه.ولقد كان راتبه السنوي في زمانه(5000) خمسة الاف لو صرفه على نفسه لعاش عيشة هنيئة، لكنه ابى ذلك فكان يتصدق به جميعاً ولا يرتاح الا ان يأكل من كدّ يده لا "ان يسرق من ميزانية الدولة كما يحصل اليوم" وعمله بنسج الخوص الذي تعلمه كحرفة منذ ايام عيشه مع الانصار في المدينة المنورة. فيحوك من الخوص حصرانا وزنابيلا وخصافاً يحتاجها الناس ليضعوا فيها التمر ولم يكن عنده من الأثاث غير اداءه وركوة ومطهرة! ولا فراش ولا غطاء لأنه كما قلت قبل قليل يكتفي بعباءته نصفها فراشا ونصفها الاخر غطاءً.اذا لابد ان يكون السياسي الشريف على هذا المستوى في التعامل مع المواطنين، وعلى كل من يريد ان يستلم مقاليد الامور وسدة الرئاسة وكل من امسك بزمامها العالي منها والداني، ان يتعامل مع الناس على اساس الايمان والاخلاص والانسانية، لا ان يكون علو المنصب والمقام في ان يكثر ماله. وأن يعرف كافة السياسيين الشرفاء في العراق الجديد انهم أمام مسؤوليات جسيمة، الأمر الذي يحتم عليهم قبل غيرهم, وفي الوقت الحاضر بالذات اكثر من قبل ان يكونوا على معرفة ودراية حقيقية بالأسس الحضارية لعلم السياسة، وان ينهضوا بكل من له الكفاءة والقدرة للنهوض بواقع البلد نحو الافضل والاكمل لا ان نطمسه على اسس ومعايير واعتبارات، وينبغي لمن يريد ان يتصدى لقيادة شؤون الامة وادارة امور الناس ان يكون على هذا المستوى من مكارم الاخلاق. وختاما اود ان اذكر وصية من وصايا سيدي ومولاي امير(عليه السلام) للأشتر الذي عيّنه والياً له على مصر، في أن يكون محبَّاً للرعية، محترماً لمشاعر الناس من أي فئة كانوا ، سواء كانوا مسلمين أم من أهل الأديان الأخرى. ولا يخفى أن في ذلك تثبيتاً لإنسانية الإسلام واحترامه لمشاعر الناس، وتقوية لبنية النظام والحكومة.قال (عليه السلام): ( وأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ ، والْمَحَبَّةَ لَهُمْ ، واللُّطْفَ بِهِمْ . ولا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً، تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك