المقالات

الحاكم السياسي .. متى يكون محبا للرعية

373 11:24:00 2013-03-04

محمد صالح الشرماني

متى يأتي ذلك اليوم ونسمع به ان كل السياسيون هم قدوة لنا، على اعتبار ان الشعب عندما اختارهم ليمثلوهم في بناء بلدهم هم على اعلى قمة من الشرف والنزاهة، ولكن غالبا ما يتفاجأ المواطن بأن المظهر الذي رغب بأن يظهر به ذلك السياسي كان باطنه مملوء بالمصالح والمنافع الشخصية. فلابد ان تجتمع عصيهم ويصبحون يد واحدة وتتوحد كلمتهم وصفوفهم خدمة لبلدهم.فلوا رجعنا الى الوراء الى عصر الخلافة والولاية ونطلع على سيرة من سبقونا في حكم البلاد في زمن الانبياء والائمة(ع)، وكيف كانت قيادتهم وحكمهم على شعبهم وكيفية اختيارهم لمن يولوه على حكم ولاياتهم، نذكر هنا خير مثال وقدوة لنا نقتدي به هو من تغذى من فكر ونهج الرسول محمد(ص) " الصحابي الجليل سلمان المحمدي" عندما ولي امارة المدائن والياً عليها، واين كان يسكن؟ لم يتخذ فيها ما يسكن فيه بل كان يتخذ من الاشجار ذات الاغصان مكاناً يستظل به وينام تحته او الجدران العالية كجدران ايوان كسرى وغيره فيتكئ عليها وعنده عباءته التي يفترش نصفها منه ويتغطى بالنصف الاخر.وكيف بقي المرؤوسون معه من موظفي مؤسسة امارة المدائن يلحّون على الامير بأن يتخذ بيتاً يسكن فيه وهو يمانع ويأبى واخيرا طرح احدهم عليه ان يبني له بيتاً، ولكن كيف كان ذلك البيت؟ كان بيته اذا قام به ضرب رأسه السقف، واذا نام لن يستطيع ان يمد رجليه، وهكذا كان بيته الذي عاش ومات فيه.ولقد كان راتبه السنوي في زمانه(5000) خمسة الاف لو صرفه على نفسه لعاش عيشة هنيئة، لكنه ابى ذلك فكان يتصدق به جميعاً ولا يرتاح الا ان يأكل من كدّ يده لا "ان يسرق من ميزانية الدولة كما يحصل اليوم" وعمله بنسج الخوص الذي تعلمه كحرفة منذ ايام عيشه مع الانصار في المدينة المنورة. فيحوك من الخوص حصرانا وزنابيلا وخصافاً يحتاجها الناس ليضعوا فيها التمر ولم يكن عنده من الأثاث غير اداءه وركوة ومطهرة! ولا فراش ولا غطاء لأنه كما قلت قبل قليل يكتفي بعباءته نصفها فراشا ونصفها الاخر غطاءً.اذا لابد ان يكون السياسي الشريف على هذا المستوى في التعامل مع المواطنين، وعلى كل من يريد ان يستلم مقاليد الامور وسدة الرئاسة وكل من امسك بزمامها العالي منها والداني، ان يتعامل مع الناس على اساس الايمان والاخلاص والانسانية، لا ان يكون علو المنصب والمقام في ان يكثر ماله. وأن يعرف كافة السياسيين الشرفاء في العراق الجديد انهم أمام مسؤوليات جسيمة، الأمر الذي يحتم عليهم قبل غيرهم, وفي الوقت الحاضر بالذات اكثر من قبل ان يكونوا على معرفة ودراية حقيقية بالأسس الحضارية لعلم السياسة، وان ينهضوا بكل من له الكفاءة والقدرة للنهوض بواقع البلد نحو الافضل والاكمل لا ان نطمسه على اسس ومعايير واعتبارات، وينبغي لمن يريد ان يتصدى لقيادة شؤون الامة وادارة امور الناس ان يكون على هذا المستوى من مكارم الاخلاق. وختاما اود ان اذكر وصية من وصايا سيدي ومولاي امير(عليه السلام) للأشتر الذي عيّنه والياً له على مصر، في أن يكون محبَّاً للرعية، محترماً لمشاعر الناس من أي فئة كانوا ، سواء كانوا مسلمين أم من أهل الأديان الأخرى. ولا يخفى أن في ذلك تثبيتاً لإنسانية الإسلام واحترامه لمشاعر الناس، وتقوية لبنية النظام والحكومة.قال (عليه السلام): ( وأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ ، والْمَحَبَّةَ لَهُمْ ، واللُّطْفَ بِهِمْ . ولا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً، تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك