حامد اللامي
الحديث عن النظام الدكتاتوري في العراق يذكرنا بماض اليم يحمل أهات , وأحزان ومعانات الشعب العراقي طوال مدة حكم حزب البعث الفاشي ... كانت المأسات في كل عائلة عراقية , وبدون استثناء أما قتيل أو مفقود في الحرب أو معدوم أو معتقل في سجون النظام لايعرف عنه شيئا بسبب موقف رافض لسياسة حزب البعث .أن جميع الذين تم أعدامهم في زمن النظام السابق , انما أعدموا لرأيهم , فهم لم يحملوا السلاح , ولم يفجروا الأسواق والمؤسسات ودوائر الدولة , وحتى لم يخرجوا بمظاهرات كما في وقتنا الحاضر ... كانوا شهداؤنا شهداء الرأي ... شهداء السلام ... شهداء الحرية , ذهبوا ولم يتسببوا باذا لأي مواطن بتعمد أو غير تعمد , بل ضحوا من أجل العراق وشعبه .كذلك السجناء والمعتقلين السياسيين , لم يحملوا السلاح ولم يقتلوا جنديا أو ضابطا في المخابرات أو الأجهزة القمعية ... بل سجنوا بسبب أرائهم الرافضة لسياسة النظام .أن ما حصل في أيام الحكم البعثي لا يصل أحدا الى وصف جرائمه البشعة من المتخصصين في مجال حقوق الأنسان وحتى شعوب المنطقة بأسرها , تجاوز كل الأساليب التقليدية بطرق الأمعان بالقتل فاستخدم المواد الكيمياوية السامة لابادة أبناء العراق , لا أحدا يعلم مايجري بحق الشعب العراقي من أنتهاكات , الا أبناء العراق أنفسهم , الشعوب العربية تسمع أهازيج مدح صدام وحزبه من داخل سجن كبير أسمه العراق ... لا أحدا يعرف ماذا يدور داخل العراق , كيف تعامل السلطة القمعية شعبها الأعزل , وماهي الأجهزة القمعية التي سخرها لأبادة الشعب , وماهي تشكيلاتها ومسمياتها المتعددة ... لم يتصور أي عربي كم هو عدد أجهزة حزب البعث القمعية , وكيفية ادارتها , نعم كان العراقيون هم يعلمون ماذا يحدث في ذلك السجن الكبير بحقهم من قبل هؤلاء الأوغاد ... الأعدامات والأعتقلات العشوائية , والأحكام الجائرة , والنيل من أبناء الشعب واذلالهم بشتى الطرق ... كان كل شيء في العراق مسخر من أجل الحزب الواحد والقائد الضرورة .أن ما كان يجري في العراق لا يعلمه أحدا , أو كان معلوم بشكل محدود لبعض الدوائر الأقليمية والدولية , ولكن لا يتدخلون حفاظا على مصالحهم , أو الخوف من سطوة صدام وحزبه , كما فعل في الكويت .أن ماكان يحدث من جرائم وانتهاكات لا يعلمها ولا يتحسسها ويتعايش معها الا أبناء ذلك الشعب العراقي المظلوم ... تجمعت تلك الألام والمحن حتى أنفجرت في الخامس عشر من شعبان (عام 1991) ثورة شعبية عارمة هبت من الجنوب الى الشمال ... ثورة غطت كل مساحة العراق , لأن كل أرض العراق دنسها هؤلاء القتلة المجرمون ... ثورة شارك بها كل مكونات الشعب العراقي , لأنه أضطهده جميعا بدون أستثناء مكون من مكوناته ... ثورة هبت للقضاء على النظام الفاسد وأزلامه ... ثورة تعلم من خلالها البعثيين كيف يرتدون الملابس النسائية للهروب وعدم مواجهة ثوار الأنتفاضة الشعبانية المباركة .لقد أنكشف ما يدور في داخل العراق من خلال الانتفاضة الشعبانية , حيث عرت تلك الأنتفاضة النظام الصدامي وممارساته الأجرامية بحق الشعب العراقي , نعم وبالرغم من الظروف القاسية التي مرت على المنتفضين وغياب القيادة التي تنظم الثوار , كذلك لم تكن مدعومة من جهة أو دولة كما يحدث اليوم , بل كانت ثورة شعب مظلوم ثار ضد حاكم ظالم .أحب أذكر أن الأنتفاضة الشعبانية قد سبقت الثورات ـ الربيع العربي ـ الحالية بأكثر من عشرين سنة , لعمق وكبر الجرائم التي كان يستخدمها النظام ضد أبناء الشعب العراقي , تلك المدة لهي دليل على عدم تحمل أبناء العراق لما يدور داخل العراق من أنتهاكات أنسانية يندى لها الجبين , فسبقت نظيراتها من الثوراة العربية ... ثورة وقفت ضدها أغلب الدول وأعتبروها تجاوزا للخطوط الحمراء التي وضعوها أسيادهم , وقفوا مع النظام بجرائمه , ومكنوه من قتل أبناء العراق ثانية , ونسوا أو تناسوا أن صدام وحزبه هو عدو للأنسانية جمعاء , عدو لجميع مكونات الشعب العراقي بسنته وشيعته وأكراده وتركمانه ومسيحييه ... الشيء المهم الذي عرفه العالم من خلال الأنتفاضة الشعبانية المباركة , هو كشف الوجه الحقيقي للنظام الدكتاتوري المجرم وأجهزته القمعية , فكانت سببا لتعريته وأسقاطه .
https://telegram.me/buratha