خضير العواد
لم تتخذ الجامعة العربية منذ تأسيسها عام 1945 الى هذه الأيام أي قرار مهم يعبر عن تطلعات وطموح الشعوب العربية ، بل أغلب قراراتها مهدئة ومتخاذلة وتحاول إمتصاص النقمة الشعبية للشعوب العربية ، وتعتبر الجامعة العربية من العوامل المهمة التي أدت الى ضياع القضية الفلسطينية بل أدت الى تفتت الدول العربية ، حتى أصبحت إجتماعات هذه الجامعة محط إستهزاء وسخرية المواطن العربي الذي وصل الى نتيجة واقعية على عدم فعالية هذه المؤسسة التي ضيعت الوقت والجهد ومن ثم الأحلام ، ولكن بعد الخريف العربي تغير الدور التي تلعبه هذه الجامعة من مناقشة الأخطار الخارجية والتهديدات الإسرائيلية والقضية الفلسطينية الى تنفيذ المخططات التي تقودها دول الخليج في ضرب المقاومة العربية ، وأصبحت هذه المؤسسة عبارة عن مجموعة خليجية تقودها قطر والسعودية في الحفاظ على المصالح الغربية والإسرائيلية ، حتى اصبحت القضية الأم لهذه المؤسسة هي إسقاط الحكومة السورية التي تعتبر القلعة العربية التي تحمي المقاومة ضد الكيان الإسرائيلي ، وقد جمّدت الجامعة العربية عضوية سوريا على الرغم من أن جميع المؤسسات الدولية لم تفعل هذا الفعل ، بل طلبت الجامعة العربية من مجلس الأمن إرسال الجيوش الى بلاد الشام من أجل تغير النظام بالقوة ، وعلى الرغم من جميع التحركات التي قامت بها هذه الجامعة بقيادة السعودية وقطر ولكن جميعها باءت بالفشل ونجحت السياسة السورية لأحتواء جميع المؤامرات القطرية السعودية والتي تنفذها لهم الجامعة العربية بقيادة نبيل اللاعربي ، وأصبحت هذه المؤسسة معزولة وغير مهمة في القضية السورية لأن جميع التحركات الدولية كانت تحدث بعيداً عنها ، وبعد أن أيقن العالم بأسره على قوة النظام السوري وسيطرته الفعلية على الأرض ، أصبح التوجه العالمي نحو الحل السياسي مع بقاء بشار على قمة الهرم السوري ، وهذا يعتبر ضربة قوية للسياسة القطرية والسعودية لهذا نلاحظ هذه الدول كانت من أشد المعارضين للحل السياسي الذي تتبناه القوى الكبرى في العالم وفي مقدمتها روسيا، ونتيجة لضعف المعارضة السورية على الأرض وهزائمها المستمرة لذا حاول الغرب تقويتها معنوياً حتى تدخل في المفاوضات السياسية بصورة قوية وأكثر تأثيراً ، لهذا وافق الإتحاد الأوربي على أرسال المساعدات العسكرية للجيش الحر لكي ترتفع معنويات المعارضة السورية ، بالإضافة الى محاولة إعطاء المقعد السوري في الجامعة العربية الى المعارضة السورية ، وهذه سابقة خطيرة تقوم بها الجامعة من أجل إسقاط حكومة عربية ، لأن الجامعة العربية بهذه الخطوة أصبحت عبارة عن وسيلة أو أداة للدول الخليجية في تصفية نزاعاتها مع الحكومات العربية التي تعارض سياساتها ، إذا كانت هذه المرة سوريا فسوف يكون غداً العراق أو الجزائر أو أي دولة تتقاطع سياستها مع قطر أو السعودية ، لأن الجامعة العربية إذا كانت تهتم بمصير الشعوب العربية وما تعانيه كان عليها أيضاً ان تعطي المقعد البحريني للمعارضة البحرينية التي تناضل بشكل سلمي منذ أكثر من سنتين والجامعة العربية لم تذكرها ولو بكلمة وليس إعطاء مقعد عضوية أو تعطي المقعد المصري للمعارضة المصرية التي تقدم في كل يوم ضحية على أيدي الشرطة المصرية أو المعارضة اليمنية التي سرقت ثورتها بخديعة خليجية ، وغيرها من الثورات العربية التي ويئدت ولم تنصرها أو تقف معها هذه المؤسسة الرجعية التي تمثل تطلعات شيوخ الخليج وأسيادهم الأمريكان ، فأعطاء مقعد الدولة السورية الى المعارضة يعد إنذارخطير وسابقة غير معهودة تهدد جميع الحكومات العربية ، فإذا كانت سوريا البلد المؤسس للجامعة العربية يجمدون عضويته ويحاولون إعطاء مقعده للمعارضة السورية فهل ستستغرب إن كانت السودان البلد التالي إذا نجحت هذه الخطة ، لهذا يجب أن تتحرك الدول العربية ذات المواقف العروبية والداعمة للقضية الفلسطينية والرافضة للتواجد الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة ضد هذه الخطوة الخطيرة للغاية والتي تمثل بداية جديدة للتحركات الصهيونية التي تقوم بها قطر في ضرب أي نظام عربي يعارض التحركات الخيانية التي تقودها أنظمة الخليج الرجعية الطائفية ، فتحرك الجامعة العربية هذا يعتبر إنقلاب على دورها الحقيقي التي نشأت من أجله وهو المحافظة على المصالح العربية القومية الى ممثل ومحافظ حقيقي للمصالح الغربية والإسرائيلية .
https://telegram.me/buratha