علي جاسم
لا يمكن لأي أثنين من ذوي العقل والرجاحة والتفكير السديد أن يختلفا على موضوعة العنف الموجود في مجتمعنا والمسلطة نيرانه ضد المرأة دون رحمة أو إرضاء لله سبحانه وتعالى، فهذا الكائن الضعيف الذي لا يستطيع في معظم الأحيان دفع الأذى عنه والظلم الذي يلحقه وان كان من أقرب الناس اليه، يعيش في وسطنا ويحيا داخل أوصالنا وبين جنباتنا منذ اليوم الأول لبدء الخليقة وبدء الحياة الإنسانية والتي كانت موزعة بشكل متساوي بين أبونا وأمنا أدم وحواء (ع) فقط .الله سبحانه وتعالى قد أوصانا في جميع كتبه السماوية وفي أكثر من مناسبة وآية كريمة بضرورة الاهتمام بالمرأة اهتماما يليق بمكانتها ومداراتها والعناية بها عناية خاصة تتناسب مع دورها في بناء المجتمع والبلاد والأسرة التي هي اللبنة الأساسية للمجتمع، وبالطبع حينما يأمر الله تعالى بتوفير هذا الاهتمام والعناية فذلك يعني انه سبحانه يريدنا ان ندرك أهمية هذا الكائن والذي يمثل نصف المجتمع دون أي مبالغة، إن لم يكن أكثر من ذلك، نظرا لدور هذا الكائن الانثوي في تربية الأبناء التربية الصحيحة والسليمة لبناء أي مجتمع سليم، وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار انشغال الرجل في توفير قوته ومتطلبات الحياة اليومية وتحملها هي المسؤولية الكاملة في إخراج النشئ الذي يكون مدعاة للفخر فأنها ستستحق مساحة وقدر أكبر من الاحترام والتقدير، ولعل هذا الكلام هو الذي قصده سماحة السيد محمد باقر الحكيم شهيد المحراب وأقره مجلس الحكم آنذاك ليكون ذلك اليوم هو يوم المرأة العراقية المسلمة، واكمله من بعده سماحة السيد عمار الحكيم عندما أطلق في وقتها مبادرة السيد الحكيم وهي (اليوم الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة) والتي من خلالها دعا سماحته مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية في العراق والعالم الإسلامي الى تحمل مسؤولياتها في رفع الظلم والحيف وكل أشكال العنف ضد المرأة وكذلك دعوته الى تخصيص يوم سنوي هو الأول من شهر صفر من كل عام والذي شهد وصول حرم رسول الله (ص) وعيال الإمام الحسين (ع) سبايا إلى الشام .المبادرة الوطنية والإنسانية التي أطلقها الحكيم جاءت نتيجة إدراك الدور المهم الذي تلعبه المرأة في الحياة اليومية في العراق الجديد وما قدمته من أدوار سابقة خلال العهد البائد تشهد بها كافة الأوساط السياسية والدينية والثقافية التي عاصرت تلك المرحلة الحرجة والمواقف الصعبة التي مر بها شعبنا، كما انها تأتي إدراكا منه للأهمية التي يمكن ان تضطلع بها المرأة اليوم من خلال تبوأها مناصب قيادية ومراكز المسؤولية في العهد الجديد في حين لا تستطيع أعداد كبيرة من النساء أخذ مكانتها التي تستحقها وأداء دورها لاسيما بعد تنامي الوعي لديها بقدرتها على الوقف جنبا الى جنب الرجل في الحفاظ على المنجزات السياسية المتحققة والديمقراطية المكتسبة والمساهمة في مشاريع البناء والاعمار، وبالطبع فأن إعطاء المرأة مكانتها المستحقة لها وحقوقها الطبيعية هو قضية مهمة وجوهرية لتحقيق الرفاه الاجتماعي والنمو الاقتصادي وليس فقط الابتعاد تجنبها الظلم والتقصير لأن الحفاظ على كرامة الإنسان وصيانته مطلب مهم لتحقيق العدالة الإلهية، كما ان تركيز السيد الحكيم على إطلاق هذه المبادرة في يوم وصول سبايا الرسول (ص) الى الشام هو وجه آخر لإظهار صوت القضية الحسينية والنهضة التي قام بها الإمام الشهيد وحركة الإصلاح السياسي والاجتماعي التي قصدها بنهضته وثورته حتى في أبسط أهداف المعارك الحربية التي يتوهم بعض الناس البسطاء انها بمنأى عنها مثل حقوق النساء التي غالبا ما تكون قضية بعيدة في مثل نزاعات عسكرية اعتيادية، وهذا ما قصده الحكيم بمبادرته لهذا التحديد الزماني بالذات.
https://telegram.me/buratha