لم اكن اعرف ان ما يقال ان (الرجل يبقى طفلا ومتى ما فقد والدته شاخ فجأة ) صحيح او واقعي الا بعد ان فاجأني الشيب بعد وفاتها ، كانت رحمها الله من احن الامهات حالها في ذلك حال العراقيات المؤمنات الصابرات ، الامهات اللاتي يعطين الكثير ولا يتطلعن الى شيء ، كانت تحنوا علي وكأنني طفل رضيع حتى بعد ان اصبح لي زوجة واطفال ، تمسيني بالخير وتصبحني ولها في ذلك قانون ثابت لا يتأخر ولا يتقدم ، في صباحات الفجر الاولى تصلي ركعاتها وتوقضني لكي استفيد من بعض الدقائق وانام قليلا قبل ان اذهب الى الدوام ، ومع الغروب تقول كلمتها السحرية ، الورد الشافي والكافي ، بكسر الواو تسقيني اكسير الحياة بكلمات خلقها الله لها فقط وليس لغيرها ، للمرأة العراقية فحسب (مسيت العافية عليك يمة) هذه الوصفة التي افتقدها الان ، لم اجدها عند طبيب او معالج ، كانت لي التعويذة التي ترقيني من كل مرض وداء ، لانها كانت تقولها نقلا عن الله مباشرة ، اه كم اشتقت اليها ، كانت تطلب من الله فيستجيب لها ، لم تطلب شيئا لنفسها فهي برغم حاجتها للكثير من الامور الا انها تطلب وتدعو ربها بان يشافي فلان ويرحم فلان ويرزق فلان ونادرا ما طلبت لنفسها ، لا اعرف لهذا الاخلاص وهذا الوفاء نظيرا ، اي تضحية واي ايثار ذلك الذي تعلمته هذه المرأة المتحدرة من الهور ، لم تعرف الدراسة ولم يعلمها انسان ، الا انها تعرف الله اكثر من علماء دين فحول ، تصلي وكانها بين يدي الله وتصوم وكانها تفطر مع الله ، هي اقرب الى الله من الكثير ممن يدعون قربه ، فما طلبت منه شيئا الا واستجاب ، وما ارادت شيئا الا ونفذ لها ما ارادت برحمته وعطفه ، والغريب ثقتها الكبيرة بان الله يقبل دعائها .
امي الحبيبة رحمها الله هي ككل العراقيات اللاتي اتعبتهن الحياة فلنسأل انفسنا ، ماذا قدمنا لهن ؟ وماهي المكاقأة التي قدمتها الحكومة الحالية لمن ربت وصبرت وقاومت واستبسلت في مقاومة الظلم والوقوف مع الزوج والابن والاخ والخال والعم ، ؟ كيف انتهت بها الحال وهي التي تقدمت بها السنون بانتظار احقاق الحق ؟ كيف كانت عاقبتها في هذه الحياة بعد ان قدمت كل شيء ولم تحصل على اي شيء؟ في عيد المرأة اقول .. سلام لك امي وزوجتي واختي وابنتي .. سلام لكل نقية طاهرة مؤمنة صابرة ، ولكل قارورة شرفت العراق واهلها ، سلام عليك في الدارين في الدنيا والاخرة ولك جنان الخلد ونعم عقبى الدار
https://telegram.me/buratha