حميد الموسوي
واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام.اذن من رحمك المقدس الذي ربطه الرب بنفسه -كانت البداية، من قطرات حليبك الطاهر بدأ النشوء، وفي حجرك الوارف نشا الكيان.من شفاهك العذبة تلقينا الدروس، وتحت رعاية عينيك ابصرنا الحقيقة واهتدينا الى الطريق. بسهرك وسهادك صرنا رجالا ونساءا، بحرمانك وتضحياتك ومعاناتك رسمنا المستقبل، وبدموعك وشقائك تجاوزنا الصعاب وعبرنا المحن.ما حققناه من نجاحات، ومابنيناه من شخصية وذات فبدعائك وصلواتك وابتهالاتك وما لقيناه من فشل، وتعرضنا له من نكوص، وصادفناه من خيبة وخسران فبعقوقنا وخروجنا عن طاعتك. آذيناك وارهقناك: اجنة. اتعبناك وسهدنا عيونك اطفالا. قاسيت تمرّدنا وشقاوتنا صبيانا وعانيت ثورة طموحنا شبابا.لم يهدأ لك جفن ولم يرتح لك بال الاّ حين تجلسيننا على عرش الزواج فترقصين وتنتشين فرحة مسروة ان نلنا بركات ذلك الرباط المقدس، ثم ينتابك قلق من نوع اخر اذ لايقر لك قرار حتى تكتحل عيناك بصبياننا وبناتنا الذين سيأخذون منك مأخذا فتبدئين دورة حياة جديدة وكأننا ولدنا من رحمك طورا اخر.وبين ارتباطك بنا نطفا ومضغا واجنّة، ومصارعتك الموت معنا مخاضا وطلقا وولادة. وحدبك علينا طفولة وصبا وشبابا، ومسارك معنا آباءا وامهات، ارتباط يشدك الى الحبل السري ويشدنا الى اول قطرة من درك الطاهر تلمظت به شفاهنا الى اول صدر لامس جسدنا الى اول عطر انعش انوفنا.. الى اول مناغاة شنفت اسماعنا واسماءنا.. الى اول شفاه داعبت خدودنا الى اول وجه احتضنته عيوننا، رباطان لم يخلق الرب انبل واقدس واكرم منهما، يشتد ويقوى عندك كلما كبرنا، ويرتخي ويضعف لدينا حين تأخذنا السنين وننشغل بالازواج والبنين، لاتبعدك مسافات، ولايقعدك مرض، لاتلهيك حياة، ولاتشغلك همومك.. نظل في عيونك صغارا بحاجة للرعاية حتى وان غزا الشيب مفارقنا وفعلت السنين فعلها بنا.في كل عام تفرحين لعيدنا، في كل عيد تحرصين على اسعادنا. تمر اعياد واعياد ومناسبات وانت بثوبك البسيط وازارك القديم وعباءتك التي غيرت لونها الشموس والاتربة راضية قانعة لكنك تصرّين على ان نلبس الجديد لنبدو الاجمل في كل عيد حتى وان كلفك الامر الاقتراض او بيع قطعة بقيت من حليك ادخرتها ليوم اسود او ساعة عسرة وضيق او حتى بيع سلعة مما تبقى من حاجيات الدار.وكونك الاكرم من كل اعياد الدنيا.. وكونك الاروع من كل اعياد الكون.. وكونك الافضل والانقى والاجمل من كل مناسبات وكرنفالات ومهرجانات البشرية على اختلاف اممها وقومياتها واديانها وعقائدها وعاداتها وتقاليدها وتأريخها وجغرافيتها وطوبوغرافيتها، لانملك الاّ ان نقول: انت العيد.انت العيد بكل ما يحمله من قدسية.. انت العيد بكل ما ترمز اليه المناسبة وتشير له الذكرى، انت العيد بكل ما يبثه من فرح وبهجة وسرور.انت في كل نبضة من قلوبنا.. في كل قبضة وبسطة، في كل شهقة وزفرة.. في كل طرفة عين واشارة يد وانتقالة قدم، ولان الجنة تحت قدميك فدعينا نتشرف بتقبيلهما قبل تقبيل يديك.. ياعيد الاعياد يا اصل البلاد والعباد ياأمنا الحنون.
https://telegram.me/buratha