علي جاسم
يبدو إننا ما زلنا نتناسى وجود جماعات إرهابية تصول وتجول في مناطق عديدة من البلاد سواء أكانت في العاصمة بغداد أو المدن الأخرى، وهي تنفذ عملياتها الإرهابية والإجرامية على أرض الواقع بقوة وسرية وتخطيط واقتدار رغم التحسن الأمني الكبير كحالة فرضت نفسها عقب سنوات من الانفلات الامني والتدهور الخطير الذي جعل بعض الشوارع والاقضية والمدن والمحافظات تسمى بكل وضوح بالمدن الساخنة أو مدن الموت، فالانبار ونينوى اللتان هما من أكبر المدن العراقية كانا يعتبران وحتى وقت قريب جدا خارج تغطية وحدود الأجهزة الأمنية الحكومية بحيث كانت تُخطط وتحدث فيها العشرات من عمليات القتل والتفخيخ والتهجير وسفك الدماء والسرقة والخطف والابتزاز كانت تنفذ يوميا من قبل عصابات الإرهاب والجريمة المنظمة، وهي حوادث ليست بالقضايا السرية التي لم يكن لأحد الاطلاع عليها بل انها كانت حوادث وعمليات مفضوحة جداً ترددها وسائل الإعلام العربية والأجنبية قبل المحلية ولمختلف الأغراض والأهداف.الايام الماضية شهدت شيئا من التصعيد على الحدود العراقية السورية في محافظة الانبار متمثلا بحادث مقتل جنود عراقيين وسوريين في كمين ذي طابع غادر نصبته لهم مجاميع ارهابية مما يعتبر مؤشرا خطيرا على اتجاه الازمة الى مسارات مقلقة وخطرة، ويلوح بحوادث اخرى مقلقة اذ انه من الخطأ ان تتورط الحكومة بمواجهات عسكرية مسلحة مع الارهابيين من دول اخرى في مناطق مفتوحة من الصعب السيطرة عليها، لاسيما وان تنظيم القاعدة قد تبنى هذا الهجوم المسلح، ومع موجة الاحتجاجات والاعتصامات المناهضة التي تشهدها الأنبار ونينوى منذ 3 أشهر ضد الحكومة العراقية، فأن تلك الحادثة قد تثير نوعا من المخاوف وتصاعد التوتر على الحدود العراقية السورية تضاف الى المخاوف المشروعة والواقعية من أن يصاب العراق بتداعيات الحرب في سوريا واستغلالها من قبل عصابات القاعدة والبعث ومنتهزي الفرص لإثارة الفتن واعمال العنف في البلاد.جميعنا علمنا ولامسنا مدى قدرة القاعدة على افتعال الازمات وقلب الاراضي العراقية الى مناطق مخضبة بالدماء الحمراء، وأحالت أفراح ابناء الرافدين الى صدور مطرزة بالهم والحزن، ويؤكد هذا الكلام ما كشفته دراسات قامت بها جامعات ومنظمات مدنية في بريطانيا بان التفجيرات (الانتحارية) في العراق قد أودت بحياة 12 ألف مدني عراقي وإصابة أكثر من 30 ألف آخرين فيما تم أودت بحياة 200 جندي من قوات التحالف مجتمعة منذ عام 2003 ولغاية عام 2010م، أي لمدة سبع سنوات متتالية كانت هي الأعنف والأخطر في حياة العراق نتيجة عدم استتاب الأمن أو فرض السيطرة الأمنية بعد ان بقيت زمر القاعدة والإجرام تجوب المدن والمحافظات وتنال من أبنائها وتسفك دمائهم بلا ذنب أو جرم سوى الانتماء لوطن جلّ أمانيه هي العيش بسلام، هذه الارقام جاءت لتؤكد رغم عدم الحاجة الى تأكيدات حول مدى الانحطاط والتدني الفكري والأخلاقي الذي وصل إليه شيوخ الإرهاب وفتاوى التكفير وأمراء الجهاد والنضال من خلال استهدافهم المدنيين في الأسواق والجوامع والمدارس وحتى سيارات الأجرة، وكأن هذه العمليات هي ذر الرماد في العيون وان الهدف الأكبر والوحيد هو قتل أبناء هذا البلد الذي رفض اي وجود للقاعدة وزمرها.التصعيد العسكري ضد القاعدة وزمرها المنتشرة في العراق هو تصعيد غير مبرر لاسيما إذا كانت تحدث في الاصل داخل مناطق غير مستقرة أو من الصعب استقرارها والسيطرة عليها أو داخل مناطق متجاورة مع الاراضي السورية بحيث تستغل هذه الزمر اي اشتباك ومسلح لتوهم الاخرين بان قواتنا الامنية تخوض معارك نيابة عن القوات السورية وتتدخل في شؤون دمشق، وفي جميع الاحوال فانه ليست من مصلحتنا كل هذا وفي هذا الوقت الحساس من عمر التجربة السياسية العراقية وما تمر به المنطقة من احداث ساخنة جدا.
https://telegram.me/buratha