هل كانت السنوات العشر المنصرمة كافية لإخراجنا من عنق الزجاجة البعثية؟...وبمعنى آخر هل بذلنا ما يكفي من جهد للدخول في عصر جديد يتجاوز الماضي بآلامه وآثامه؟..ومن زاوية أخرى هل أن خيار الانتخابات لكل مفاصل إدارة دولتنا خيار سليم دائما؟...
هذه ثلاثة أسئلة تقودنا الى بوابة خزانة مملوءة بكم من الأسئلة لو انفتحت سوف تسيل كما يسيل الدبق، وكي نتجاوز محنة فتح الخزانة، يتعين أن نقر أنه من التبسيط بل والخطورة بمكان، افتراض أن الانتخابات التي تلي مرحلة المخاضات الوطنية، تكفي لأن تكون مخرجا من مخاطر الانزلاق نحو المجهول.
حقائق الأرض تنتح أن الانتخابات ليست هي الهدف، هي وسيلة للوصول الى غايات عدة وليست غاية واحدة..
أول تلك الغايات ضمان قدر أوسع من المشاركة الشعبية في صنع القرار السياسي، عبر المنتخبين أيا كانت تسميتهم، ومخطىء من يتصور أن الانتخابات المحلية ـ في حالتنا أسمها انتخابات مجالس المحافظات ـ ليست بقدر أهمية انتخابات مجلس النواب، بل بالعكس، فإن الانتخابات المحلية هي الأكثر قربا من اهتمامات المواطن ـ الناخب الذاتية..والمواطن الناخب ـ عندنا وعند غيرنا من الأنظمة التي اختارت الانتخابات سبيلا لتقرير من سيمثلها محليا، غير معني كثيرا بالعلاقات الخارجية للبلد إلا بالقدر الذي يؤثر على حياته الشخصية، كما أنه غير معني ـ ربما إطلاقا بخطط التسليح لجيش بلده، وأيضا لا يتعاطى مع اهتمامات مثل القبول بمنظمة التجارة العالمية أو اتفاقية الجات، أو مؤتمر دافوس الاقتصادي الذي ينعقد سنويا في ترف شرم الشيخ أو البحر الميت في الأردن، وشأن مثل التصديق على اتفاقية حزم تردد الطيف الالكتروني الدولية لا يعنيه من قريب أو بعيد، بل ويعتبره معظم المواطنين لغزا أو أحجية..!...لأنها اهتمامات ـ وببساطة ـ لا تبلط له شارعا، ولا توجد وظيفة لعبد الكاظم جواد محيبس خريج كلية العلوم فرع علوم الحياة القادم من الشطرة، والذي يجلس صباح كل يوم في مسطر عمال الباب الشرقي ببغداد..!
الانتخابات المحلية إذاً، أكثر أهمية لدينا جميعا، وعلى هذه يتعين أن نعطيها اهتمام أكثر من اهتمامنا بانتخابات مجموعة الـ 325 التي كنا نتوقع أنها ستزيل آثار قحط سنوات الجدب السياسي، ولكن بعد عشر سنوات زججنا فيها الممارسة "الديمقراطية" زجا، اكتشفنا أننا كنا قد وقعنا في فخ قوانين اللعبة الانتخابية البرلمانية التي صيرتنا الى شعب من المختلفين...!
ففي حمى التسابق نحو الانتخابات البرلمانية، أضعنا الكثير من حيث لا ندري، وقدمنا ظهورنا لإمعات فاعتلوها.. فأنتجنا مجموعة الـ 325 التي لم تتعاط مع أولوياتنا تعاطيا مسؤولا، بل قدمت أولوياتها على أولوياتنا، وفي أغلب الأحيان نحت جانبا كبرى الانشغالات وقدمت صغريات صورتها ماكينتها الدعائية على أنها منجز...
الذي أريد أن أخلص إليه هو أن أكثر السبل فاعلية لبلد مر بأوضاع مثل بلدنا، ويبغي الخروج من تأثيراتها الكارثية المدمرة، وهو أمر تصلح المقايسة عليه عالميا، هو البدء بعبد الكاظم جواد محيبس، وإيجاد فرصة عمل له، أي بشكل أدق ضرورة قيام خطط اقتصادية اسعافية ينهض بها رجال في قلوبهم نار، والوطن يسري في عظامهم لا في جيوبهم.... وثمة أدلة مقنعة هي أنه في البلدان التي تفتقر إلى الاستقرار الاقتصادي، فان ذوي الميول الإجرامية هم الأكثر احتمالا لولوج عالم السياسة والنجاح فيه!!
كلام قبل السلام: والليالي من الزمان حبالى....مثقلات يلدن كل عجيب...!
سلام...
https://telegram.me/buratha