خضير العواد
تبنى الديمقراطيات من أجل بناء البلدان وسعادة الشعوب بعد تثبيت ثقافة أحترام كل بند في الدستور والقانون يطبق على الكل بدون إستثناء والحكم للأغلبية التي تفرزها صناديق الإقتراع ، هذه هي أساسيات النظام الديمقراطي في جميع التجارب العالمية التي تعيش شعوبها في رفاهية العيش وسعادة الحياة بعيداً عن العنف والأقتتال أو الإنقلابات العسكرية أو طائفية الأديان ، هذا النظام الذي إختاره شعبنا لكي يعيش كما تعيش غيره من الشعوب بعد أن عانا قساوة الحكام وقدم الضحايا بالملايين ، ولكن لم تكتمل فرحتنا منذ التغير فألديمقراطية قد تعطلت وأدخلوا بدلاً عنها التوافق ما بين المكونات ، بل حدث إنقلاب على النظام الديمقراطي في العراق وجعلوا التوافقية تقود وأصبحت الأغلبية في خبر كان بل أصبحت الإنتخابات ونتائجها مجرد صوّر لتمليء قبة البرلمان ، لأن التوافقية أختزلت 325 عضواً بأربع أعضاء عندهم مفاتيح القضايا ومنهم تُشَرّع القوانيين والبقية الباقية عليها رفع الأيدي باشارةٍ من أحد ألأعضاء الأربعة وهم رؤساء الكتل الكبار ، فألتوافقية قتلت كل شيء في بلادي فيه حياة ، فقد وقّفت الحياة السياسية فالوزراء تأتي أوامرهم من رؤساء قوائمهم واما رئيس الوزراء فليس عنده الحق بتغير أو توبيخ أو إقصاء أي عضو من وزارته ، لأن التوافقية هي التي أختارت وشكلت الحكومة فكل شيء جيد للوزير وقائمته وأما السيء فيرجع على رئيس الوزراء ، فإذا كان الوزير فاسد أو متهم بالإرهاب فيصعب على رئيس الحكومة طرده أوتقديمه للقضاء لأن التوافقية ترفض هذا التصرف لأن الوزير عندها كالمعصوم لايرتكب الذنوب، وهكذا أنتشر الفساد في كل القطاعات وأصبحت الميزانية تصرف ليس على كثرت المشاريع بل توضع في جيوب المسؤولين ، حتى أتخموا بالدولارات وأصبحت حساباتهم المصرفية في جميع الأوطان ، وهكذا قد قتلت التوافقية العملية السياسية بل أصبح إجرامها أكثر حتى من الإرهاب ، لأن الإرهاب يقتل ويُفجّر ويَهرب ويمكن ملاحقته في كل مكان وليس عنده أكثر من هذه الأعمال ، أما التوافقية فهي التي تحمي الإرهاب في السجون وتعمل على إخراجه لكي يقتل من جديد ، والتوافقية هي التي وَقفت كل القوانين التي تهم المواطنين كالبنية التحتية والأحزاب والإستثمار حتى أصبح العراق كفاقد الوعي يمشي عليه الزمان وهو لا يعي شيء هكذا عمليتنا السياسية قد فُرغت من كل محتواها وأصبحت الأغلبية أسيرة الأقلية وليس لكثرتها أي عنوان ، بالتوافقية لا يمكن أن نحاكم أي مجرم أو مغتلس أو خائن لأنه شريك في العملية السياسية وبمقاضاته سوف تهدم شراكتنا السياسية ، وهكذا أصبح المجرمون يملؤن قبة البرلمان بل هم أصبحوا مسؤولي حقوق الإنسان والقضاء يلاحقهم ولايستطيع فعل شيء لأن حصانتهم لا يمكن أن ترفع لانها أصبحت من صميم المشاركة السياسية التي فرضتها توافقية الكيانات ، وهكذا أصبحت التوافقية الحاضنة لكل عمل يريد ضرب العملية السياسة وإرجاع النظام الدكتاتوري الشمولي بل اصبحت الغطاء الذي تُبتز به الحكومة المركزية من قبل كردستان ، واصبح شمال العراق منفصل بكل شيء من الناحية السياسية والإقتصادية والعسكرية بل اصبح الكرد يسيطرون على جميع العراق ولهم الحق بالتدخل في كل شيء ولا يمكن لأي مسؤول من بغداد أن يسأل عن أي قضية في كردستان ، لأن التوافقية ستهدم ويطعن بالمشاركة السياسية التي تقوم على إعطاء الحق للأقلية وأن تضحي الإغلبية في كل حين ، فعندما شرعوا قانون تحديد فترة الرئاسات الثلاث بالرغم من عدم موافقة دولة القانون لعدم دستوريته ، صرخوا إنها الديمقراطية والحكم للأغلبية والتصويت لم يكن ضرباً بالتوافقية ، وعندما أرادوا تعطيل الموازنة وتأخير إقرارها الى نهاية العام لم يكن ضرباً بالتوافقية أو قتل المشاركة السياسية ، وعندما شاهد الوطنيون خطورة الموقف شابكوا الأيدي و صوتوا على إقرار الموازنة بالأغلبية لأنقاذ البلد من تدهور الوضع الإقتصادي والمعاشي لدى الشعب ، عندها صرخ الكرد لقد طُعنت التوافقية ودُمرت المشاركة السياسية كيف يتم التصويت بالأغلبية إنها سابقة خطيرة على وحدة العراق ، عندما تصوتون من أجل مصالحكم الفئوية إنها روح الديمقراطية وعندما يفشل مشروعكم الإبتزازي عن طريق التصويت بالأغلبية تتباكون على روح التوافقية ، فلا أعلم هل يُحكم العراق بالديمقراطية أم التوافقية ، فإذا كانت التوافقية هي التي نُريد أن تحكم العراق فلماذا الإنتخابات والبرلمان والدستور فألندمر كل هذا لأنها عديمة الفائدة ونختار من كل طائفة أو كيان من يمثلهم ليحكموا بل ليقتلوا العراق لأن موافقة الجميع على مشروع ما من المستحيل وتجاربنا معكم فيها أكثر من الكثير، وهكذا سيدمر العراق وعمليته السياسية بأسهل الطرق وأكثرها قانونية وأجملها صورة وأشدها فعالية ، وتعود لنا الدكتاتورية من أوسع الأبواب التي فتحتها له التوافقية .
https://telegram.me/buratha