الدكتور يوسف السعيدي
انه زمن عراقي صعب ...ومعادلات مترهله...لارض لا تنبت الا الجراح.....والالام....والويلات....والنكبات...والهم وم...والاحزان (( انا عامل اسمي سعيد.... ابواي ماتا في طريقهما الى قبر الحسين... عليه السلام...)). انه مقطع من قصيدة للشاعر العراقي الراحل عبدالوهاب البياتي... عامل يشكو حاله... يبدأ بنعي ابويه اللذين ماتا في الطريق الى كربلاء... كانا ذاهبين لزيارة الحسين عليه السلام يرجوان شفاعته عند الله تعالى... القصيدة كتبت في اواسط الخمسينات... يومها لم يكن الموت شائعا الى هذا الحد.. لم يكن الموت في العراق عادة.. او وجبة اضافية تضاف الى الوجبات الثلاث.. ربما مات ابوا سعيد بخروج القطار العتيق عن سكته... ربما ماتا بانقلاب سيارة... اما الحزام الناسف فهو لم يكن موجوداً تلكم الايام، كان الموجود هو الايمان بالله عزوجل ربا، وبالاسلام دينا، وبمحمد عليه افضل الصلاة والسلام نبيا، وهاديا، ومرشدا... بعد نصف قرن على تلك الفترة التي اكتسبت لاحقا تسمية (ألعهد الذهبي) ظهر الان اسلام اخر لا عهد للتاريخ به.. ولا يوجد فيه نص قراني... ولا يمت لسنة النبي وآل بيته وصحابته بشيء... اسلام يرتدي ثوب المقاومة حينا... وثوب الجهاد احيانا. مقاومة من؟ مقاومة امريكا والصهيونية. اما الطريقة فهي التصدي بالاحزمة الناسفة، والعبوات المزروعة، والسيارات المفخخة، وكلها تحتوي كميات جيدة من مادة (التراي نايترو تلوين) او ما يرمز له t.n.t ثم مركبات الفسفور ذات الاستخدام المزدوج فهي تولد العصف القوي والاحتراق... هو نفسه السلاح الذي استخدمته اسرائيل ضد اهلنا في قطاع غزة ونشتمها لانها فعلت، وندعو العالم الى استنكار هذه الجريمة البشعة بامتياز... لكن البعض يستخدمه ضد اهله المسلمين ولقد استخدم من قبل من تسميهم حينا مقاومة ..واحيانا جهادا بعض القنوات الفضائية العالميه التي كانت ذات يوم عريقة في اتزانها وموضوعيتها... بحيث كان الناس يتلقون منها الحقيقة صافية من الاصوات الرصينة لمذيعي تلكم الايام. ليس بوسع القيمين على هذه القنوات ومموليها ان ينكروا... فهم يتبنون هذا (العمل الجهادي) فخورين ويدعون اليه بعالي الصوت في خطب جهنمية تبثها على الملا منابر من لا منبر له باعتبارها (شريط منسوب الى فلان)،.. مجرد منسوب ...لاضفاء مزيد من الاخفاء على صلات خفية بين دعاة الارهاب والكثيرين من الداعين لمحاربته... وما كان فلان سوى مومياء من مومياءات التاريخ تقبع في الاقبية والكهوف. ان القتل هنا مبرر لانه تعبير عن الايمان.. وان القتل هو عين الجهاد... وهو ضد امريكا طبعا... واسرائيل بلا شك. لكن امريكا على بعد الوف الاميال وجنودها في ثكناتهم يستهلكون الوقت في لعب الورق... واسرائيل آمنة مستقرة تحفر انفاقا تحت المسجد الاقصى وجدار المسرى. ليس من الامريكان من يتوجه من البصرة الى كربلاء سيراً على الاقدام... وليس من الامريكان من يرجو الشفاعة من سيد الشهداء... وليس من بين الامريكان فلاحون عراقيون بسطاء يحاولون فتح بوابة الى الله تأتي اليهم بالعافية ونعمة لا تزول ليس بين الامريكيات نساء ذاهبات الى كربلاء للبكاء لتفريغ شيء مما تمتليء به الارواح من هموم.. ليس بين الامريكان اطفال يجرون خلف آبائهم بثياب رثة ووجوه نال منها فقر الدم ما نال... ليس بين الامريكان عمال عراقيون يدعون الله بفرصة عمل.. أوليس هؤلاء هم ضحايا هذا النوع من مقاومة الطغيان التي يتغزل ويتغنى بها المحللون السياسيون، ومعدو البرامج، وخطباء المنابر، ويثنون على الشعب العراقي الذي قدم عن طيب خاطر كل هذه الاعداد من الضحايا... حيث يتحول القتيل الى قاتل على السنة تلوك المرارة من جريان الزمان. هل يمكن لاي مخلوق فيه من نبض الحياة شيء ان يبتهج، وتعلو الابتسامة شفتيه، ويكرر الخبر ويضيف الى عدد الضحايا رقما في كل نشرة لكي تستكمل البهجة.؟ اما التبرير فهو اكثر حماقة...ويلخص بما يلي: (ان هذه التفجيرات تعني ان الامن لم يستقر بعكس ما تدعية الحكومة).... حسنا...، ولكن من الذي جعله غير مستقر؟ وكيف يقتص من اية حكومة بقتل المواطنين؟ والان: دعونا نسأل: من اين تأتي الاموال التي تغدق على جلب المجرمين من اقاصي الارض، من كل حدب وصوب، وتصرف على عوائلهم، وعلى تدريبهم، وعلى ترحيلهم الى العراق، وعلى اسكانهم، وعلى حاضاناتهم. من اين يأتي الـ t.n.t والفسفور الى العراق؟ هل هبط من السماء؟ وهل الدول الجارة غبية؟ وضعيفة؟ ولا تعرف من يتسلل الى العراق عبر حدودها، وماذا ينقل عبر الحدود، وهي دول تعودت ان تحصي الانفاس على عباد الله؟ اما الاجهزة الدبلوماسية والامنية العراقية وما فوقها وما هو بجانبها فهي تعمم بكيشيهات جاهزة... ولا تكشف عن السر، او عمن يقف وراء الاحداث... ربما لان الفاعل صديق، او ذو فضل لا ينسى، او حليف لصديق عزيز... او... أو.... ويبقى الملتفون حول موائد المقاهي بانتظار ما يسفر عنه قتل العراقيين من (تحولات ايجابية) تعيد لهم ما توقف من الجاه والحياة الرغيدة... فحسبهم ان كل دعاواهم في التجديد، والبراعة في نسج الكلمات، والتمسك بالحداثة .... قد ظهرت وراءها نفوس مريضة بالعتق والعفونة وان اي انسان امي بسيط اكثر منهم قدرة على استيعاب العصر، والتصرف بعيداً عن العقد المستديمة، والغرائز المكبوتة. ان كل هذه الدعاوى باطل x باطل ولو كانوا بشراً حقيقيين لوقفوا الى جانب الضحايا من ابناء شعبهم.... ولن يكون مثل هذا الموقف موقفا الى جانب اية حكومة حالية او مقبلة، او تناغما مع اي عهد.. انما سيكون موقفا الى جانب الشعب الضحية... ام انهم عن الحق معرضون؟ وكذب كل ما كانوا يدعون؟... فيا ايها الساسه المنبريون.. عرفنا تحريمكم للحرام.. فهلا عرج كل واحد منكم ولو مرة على تحريم قتل الانسان لاخيه؟ لشهدائنا الجنة التي وعد الله بها عباده الصالحين وليس المجرمين.. ولجرحانا شفاء عاجلاً، وآثار جروح تحفز على ادراك قيمة الحياة... وبانتظار يوم تنجلي فيه الغمة، وتطل الشمس على الملأ، ليعرف الناس حقيقة ما جرى وما يجري الان وفي مقبلات الايام.....والسلام على من اتبع الهدى....
https://telegram.me/buratha