سعيد البدري
من السهل القول ان العراق وشعبه الكريم نجح في تجاوز المراحل الصعبة في تاريخه المعاصر بالاخص مرحلة تعاقب المؤامرات ومحاولات اعادة البلاد الى ما قبل اسقاط الديكتاتورية ومن السهل ايضا ادعاء ان بعضهم متفضل على هذا الشعب ليقول قائل انا فعلت كذا ولولاي لما كنتم ؟؟ وربما ونحن نتصفح تلك المراحل يمكننا القول ان كل هذه الصعاب كانت نتاج ظروف طبيعية و اخرى طارئة اوجدتها ظروف المنطقة ومخططات من يقومون بادارة شؤون شعوبها لكن من الصعب جدا عدم الاعتراف بما لهذا الشعب من عمق كبير ومؤسسات حرصت على ان يكون بمستوى التحديات وهذه المؤسسات لم تكن بطبيعتها تابعة للدولة او بقدر ماهي مؤسسات لها امتداداتها وارتباطاتها المتاصلة في ضمير ووجدان هذا الشعب ومنها المرجعيات الدينية كونها لاتمثل سلطة حكم تسوق الناس الى الاعتراف بها واحترام توجهاتها بالقهر والقوة بل انها اكثر سموا وتعبيرا عن تطلعات وهموم الشعب فيما يتعلق باموره الحياتية كافة ومسؤوليتها تجاهه تنبع من رعايتها لشأن العباد وبالحديث عن اصل الموضوع في ان المرجعية تحديدا وغيرها من بنى اجتماعية كالعشائر العراقية حرصت بحكم وظيفتها ان تكون بمستوى التحديات التي احاطت بالشعب العراقي ,ولئلا نخوض مطولا في منجزات باتت معروفة ومواقف واضحة ناصعة جلية لايستطيع نكرانها احد فاننا نركز هنا على موقف المرجعية الدينية ورجالاتها في دعم عملية التحول نحو المشاركة الفعلية في صناعة القرار بالياته التي تضمنها الدستور وكيلا يتجنى متجني وينصب نفسه حاميا لحمى الديمقراطية التي اريد لها ان تسوق في مرحلة مابعد دخول القوات الامريكية الى العراق بشكل مشوه قيل انه يتلائم مع متطلبات الواقع العراقي والحقيقة ان النموذج الذي طرحه بريمر كان اشبه باعلان زواج بين النموذج الامريكي القديم (شمولية انظمة الشرق الاوسط) والنموذج الامريكي الجديد المنفلت الذي نعرفه (ديمقراطية الفوضى الخلاقة) وهو ما استدعى تدخل المرجعية فوقفت بالضد من هذا التوجه ورفضت ان يكتب دستور البلاد من قبل الاجانب اثبت بلا ادنى شك انها تمتلك بعد نظر لايمتلكه غيرها بل انها كانت محيطة تماما بالاساليب القذرة لساسة البيت الابيض وحلفائهم من الداخل والخارج وهي لم ترفض ذلك فقط بل اعطت البديل بانتخاب لجنة لكتابة الدستور من كل المكونات لتمنحه بذلك شرعية مستدامة لايستطيع احد التنكر لها كما لايستطيع احد الانتقاص ممن شاركوا في ايجاد هذه الوثيقة الاساسية التي ينادي الجميع بتطبيق محتواها اليوم بكل الوانهم . هذه محطة مهمة جدا في تأريخنا لابد من عدم نسيانها والقفز عليها لاثبات من هو الصادق الحريص على البلاد والعباد ومن هو المدعي الذي لايرى الا نفسه كما ان لمواقفها في ما يرتبط بما اصطلح عليه الحرب الطائفية والاقتتال وزج الارهابيين في معركة مع العراقيين دفعنا جميعا اثمان باهضة في سبيل تجنبها ولولا مواقف المراجع الذين شكلوا صمام امان حقيقي لكانت الضريبة اكثر واكبر وتبعاتها اشد وطأة .. اليوم وبعد مرور كل ذلك ومع مانرى ونشهد من حملات تسقيطية ومحاولات احياء النعرات تقف مرجعيتنا بكل قوة وهي ترفع شعارا صادقا يدعو للحفاظ على وحدة العراقيين ومكتسباتهم بتحريم أي لون من الوان الاقتتال والتصارع وهي تحث الجميع الى اتباع الوسائل السلمية وفسح المجال للحوار من اجل حلحلة الاوضاع ومعالجة الازمات كما انها تدعو لممارسة اكثر رصانة ودقة في اختيار ممثلي الشعب في المحافظات فشكلت بياناتها وفتاواها وخطب ممثليها التي صدرت مؤخرا نوعا من تأكيد المصداقية لهذه التجربة وتريد ان تقول للمواطن العراقي ان عليه ان يحسن الاختيار لتجنب المظلوميات الكثيرة التي وقعت عليه عبر الدورات الماضية كيلا يتسلل الاحباط من اداء البعض في ملفات خدمية عدة ويسلبه طوعا حقه في التغيير وبناء مشروعه وتحسين اوضاعه فهي تقف مع خيار المواطن وتدعمه وتنور له الطريق وتبين بلا مواربة المسار ليقول ابناء شعبنا كلمتهم صادقة نقية فهي تمارس دور الناصح والاب الشفوق لا الوصي على خياراته لانها تريد ان يكون هذا الشعب راشدا بممارسته ومسؤولا عن خياراته التي نتمنى ان تكون بمستوى هذا الحرص ومنسجما مع هذه العلاقة القوية مؤثرا مصلحته العامة على كل المصالح الخاصة باختياره اصحاب البرامج منهم ومن لهم المؤهلات الكافية واللازمة للنهوض بالمهمة ويتحملون المسؤولية كواجب مقدس اما المنتظر فهو ان يتمتعوا بالحس الوطني ويقدموا لاخوانهم وابنائهم المرجو منهم كما ان عليهم ان يفهموا طبيعة التكليف الذي هم مقبلون عليه ان اجتاز من يقع عليهم الاختيار مرحلة السباق الانتخابي كما ان عليهم ايضا مضاعفة جهودهم لتوفير الخدمة لاغير كنوع من الوفاء لجمهورهم وشعبهم ليكونوا اوفياء لابائهم وامهاتهم واخوانهم وابنائهم حريصين على سمعتهم وسمعة وطنهم الذي يظن البعض ان اغراقه مع سبق الاصرار في مستنقعات الفساد والنهب وضرب القوانين والانظمة سيمنعه من النهوض ويعطل دوره متناسين مئات التضحيات التي قدمها ويقدمها في سبيل نيل حريته وكرامة من يتنفسون هوائه ويعشقون ترابه وهم مستعدون للدفاع عنه بحسن الاختيار ومنع الفاسدين والمفسدين من الوصول والتحكم بمقدراته ..
https://telegram.me/buratha