علاء التريج حقوقي و مستشار نفساني
هناك الكثير من التساؤلات التي تدور في اذهان الكثيرين عن الانتحاريين الذين يقومون بتفخيخ انفسهم فيقتلون انفسهم ويحرصون على قتل وتدمير اكبر عدد ممكن من خصومهم, و غير الخصوم ايضا, مما اثار بعض الشكوك لدى بعض البسطاء من الناس الذين لا يرتكزون على عقيدة راسخة, ان الكثير من المسلمين الذين يمتلكون الفطرة السليمة بمقدورهم ان يقطعوا بالقول ان ممارسات هؤلاء بعيدة كل البعد عن الاسلام الحنيف, اذا هل اقدام المنتحر بهذا الشكل الواثق دليل على صحة عقيدته الدينية ؟ هناك العديد من الاسئلة التي سنحاول الاجابة عليها بشكل مختصر, وسنركز على شخصية الانتحاري من اجل ازالة تلك الاوهام في عقول الشكاكين.الانتحار من وجهة نظر نفسية, المدرسة المعرفية قد رأت الانتحار برؤيا النفق أو التفكير غير المرن حيث أن الحياة مريعة ولا يوجد حل سوى الانتحار, والبعض رأى الانتحار أنه تعبير عن البكاء الرمزي أو للفت الانتباه. اما فرويد فاعتبر الانتحار عدوان تجاه الداخل, وهناك من عرف ثلاث ابعاد للانتحار هي رغبة في القتل ثم رغبة في الموت ثم رغبة في ان يتم قتله.ومن الناحية العضوية فمنها الوراثة أو نقص السيروتونين, اما عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم اعتبر الانتحار يكون بسبب تكسر الروابط الاجتماعية والانعزال، وقد تؤثر عوامل الضغوط النفسية وعدم القدرة على كبحها. وفسر إريك فروم الانتحار بانه الصراع بين الداخل والخارج وعدم الالتفات للعوامل الحضارية الاجتماعية.من الناحية الواقعية لا نمتلك ارقام واضحة حول المستوى الثقافي و الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية للانتحاريين, لكن المعلوم ان مجمل هؤلاء هم ممن لا يتمتعون بوضع ثقافي جيد ومرفوضين من قبل ابناء مجتمعاتهم وهم من الشخصيات الانهزامية واليائسة وفي غالبيتهم من الشباب والنساء, بعد ان انتهت الحرب الاهلية في سيرلانكا 2002 لم يعد هناك من يقوم بعمليات انتحارية باستثناء الحركة الوهابية.ومن الناحية التاريخية انها بدأت أثناء الحملات الصليبية حيث قامت سفينة تحمل فرسانا اطلق عليهم تسمية فرسان المعبد بالاصطدام مع سفينة للعرب المسلمين فقتل 140 فارسا مسيحيا مع اضعاف هذا العدد من المسلمين. هناك امثلة أخرى منها على سبيل المثال الحرب الفرنسية ـ الإسبانية (1785) وسنوات الحرب الأهلية في إسبانيا (1936-1939) ومواجهة فلاحي فيتنام للمحتلين الفرنسيين التي توجت بمعركة قلعة (رين بيان نو) عام 1954 والعمليات الانتحارية الجماعية التي كانت تحد من وصول المؤن والأسلحة إلى القوات الإنكليزية في الهند بحيث كانت تعترض مجموعة انتحارية طرق سكة القطار. وفي اليابان وبحسب مصادر القوات الجوية للولايات المتحدة 2800 منتحر "كاميكازي" اغرقوا 34 سفينة، و 368 سفينة تضررت، قُتل جرّاء ذلك 4900 بحّار... و الى اخره من الحركات.من خلال ما تم استعراضه يتبين لنا ان الانتحاري انما يقوم بعمل يعتقد هو بصحته, ولكن الحق هو لا يمكن تصور جميع هؤلاء المختلفين في دياناتهم وعقائدهم ومبادئهم على صواب... فكما ان المسيحي و الهندوسي و الشيوعي وغيرهم من العلمانيين يقتل نفسه ويقتل الاخرين, نجد الوهابي التكفيري هو على شاكلة هؤلاء, فالجميع يعتقد بصواب معتقده, بمعنى ان قدوم ذلك الشخص على العملية الانتحارية ليس بدليل على احقية معتقده, فحاله كحال ذلك الملحد او اي انتحاري اخر... قد يقول البعض ان بعض الحركات الشيعية اقدمت على ذلك ايضا, نقول اننا لم نشهد احدا من اتباع اهل البيت ( ع ) قام بعملية استشهادية استهدفت مدنيين بالمطلق, فضلا عن قتل الاطفال والنساء والشيوخ. وهنا لست في مقام الدفاع عن الحركات والاحزاب الشيعية فمنهم من لديه اخطاء, ولكن هؤلاء التكفيريين ركبتهم الخطيئة منذ تأسيس هذه الحركة المشبوهة والتي صورت الاسلام على انه دين الذبح وسفك الدماء و تفخيخ السذج الذين لا يفقهون من الاسلام الا ظاهره, فهم تركوا اللب و تعلقوا بالقشور حتى اصبحوا مطية للحكام والمخابرات الدولية.
https://telegram.me/buratha