خضير العواد
نحتفل هذه الأيام بمولد لبوة من لبوات بني هاشم التي صارعت الباطل من صغرها وجاهدت في نقل الحقيقة في جميع أطوار حياتها ، إنها العقيلة زينب بنت علي بن ابي طالب عليها السيلام التي نقلت أحداث أول ثورة حدثت في التاريخ الإسلامي بعدما حدث الإنقلاب على الخليفة الشرعي بعد رسول الله (ص) وسيطرة على مقاليد الحكم ممن ليس أهلٌ لهذا المنصب الإلهي ، فخرجت قائدة الثورة فاطمة الزهراء عليها السلام الى الإنقلابين وخطبت فيهم بأعظم خطبة عرفتها البشرية لما تحتوي من مضامين عظيمة شرحت فيها أغلب المسائل التي بلّغها النبي محمد (ص) الى هذه الأمة وكانت غائبة عنهم بل كانوا يجهلونها ، فأرعبت المسؤولين في ذلك الزمان وأقلقت مضاجعهم وقد نقلت لنا هذه الخطبة عبر التاريخ السيدة الجليلة عقيلة بني هاشم عليها السلام ، ولم تخف هذه العقيلة بالرغم من صغر سنها بل وقفت تساند أمها سيد نساء العالمين عليها السلام وهي تواجه قادة القوم الذين أنحرفوا عن الطريق القويم الذي رسمه لهم رسول الله (ص) عندما أخذ البيعة من الأمة في غدير خم لولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ولكن بعد وفاة الرسول (ص) أتجهت هذه الأمة الى طريق أخر لم يأمر بسلوكه المولى عزة قدره ، فلولا شجاعة هذه السيدة ومقدرتها على الحفظ لما كانت عندنا معلومات عن تلك الأحداث الأليمة التي كانت النواة الأولى لكل الإنحرافات في هذه الأمة ، وبسبب هذا الإنحراف الكبير الذي طرأ على الأسلام الحق سيطرة على مقاليد الحكم بني أمية الذين كانوا من أشد أعداء الإسلام ورسوله الكريم (ص) ، وقد ساق معاوية أبن أبي سفيان هذه الأمة بالحديد والنار حتى غيّر الكثير من سنة رسول الله (ص) وأدخل فيها كل البدع كسب الإمام علي (ع) على منابر المسلمين والذي قال فيه رسول الله (ص) ( من سب علياً فقد سبني ومن سبني فقد سب الله) ، فأصبحت الأمة كألمغمى عليها ليس عندها قرار أو رأي أو موقف بل تقاد من قبل الأموين حيث أرادوا والى أي طريق شاءوا ، حتى ظهرت حقيقة بني أمية الى السواد الأعظم بأنهم الى الجاهلية يبغون والى مناة واللات وهبل راجعون ، وبسبب ضياع هذه الأمة في وحل بني أمية وأستهزاء معاوية بها أعطى المُلك الى الفاسق الفاجر يزيد الذي أقام المحرمات وعطل الواجبات عندها صرخ الصوت المحمدي الهاشمي ومثلي لا يبايع مثله ، عندها خرج ثائراً أبا الأحرار عليه السلام على هذه الطغمة الفاسدة التي أبعدت الأمة عن طريق الإسلام الحق ، وكان يعلم هذا الإمام عليه السلام إنه سيستشهد في هذه الثورة العظيمة ولكنه يريد من يكمل طريق الثورة فكان الأختيار زينب عليها السلام ، فكانت الشجاعة التي جابهت أقسى أهل ألأرض وحيدةً فريدة في عصر عاشوراء والصابرة التي صبرت على أعظم مصاب وأفضع حدث وهي ترى بأم عينها ذبح أخيها سيد شباب أهل الجنة مع أبناءها وأخوتها وابناء عمومتها والأوفياء من أصحابهم وأتباعهم ، فكانت القائد الذي قاد الركب وحافظ عليه بكل أمانة وحماه بجسده من سياط العتاة من جيوش بني أمية ، وكانت الخطيب الذي لم يترك مناسبة أو ظرفاً إلا وفضح بني أمية وشهّرَ بهم وأظهر الاسباب الحقيقة لثورة سيد الشهداء عليه السلام ، فكانت العقيلة زينب عليها السلام البركان العظيم الذي ثار على بني أمية بعد إستشهاد الإمام الحسين (ع) ليوصل أهداف الثورة الحسينية بشظاياه الى كل قطر من أقطار الإسلام ، فأفزعت هذه العقيلة عبيد الله بن زياد في قصره وبين جلاوزته بكلماتها النارية العظيمة وأرعبت يزيد بن معاوية في قلعة حكمه وبين عتاة قادته حتى أجبرته أن يعطيها رأس أخيها الحسين (ع) ويعيدها معززة مكرمة مع أهل بيتها عليهم السلام الى مدينة جدها رسول الله (ص) خوفاً منها وفزعاً من مواقفها الحديدية وكلماتها النورانية ، فقد مثّلت المواقف الزينبية المرحلة الثانية للثورة الحسينية التي أيقظت الأمة من سباتها العميق وجعلتها تتسابق للثورات على الملوك الجائرين ، فقد نقلت عقيلة بني هاشم عليها السلام للأمة كل دقائق الثورة الحسينية التي أرادة بني أمية أن يدفنوها في رمال كربلاء ولكن العقيلة الهاشمية جعلت هذه الثورة كالسيف القاطع على رقاب كل الطغاة في العالم لما تملك من عظيم الأهداف والغايات والوسائل ، لقد حاول الطغات من بني أمية أن ينتصروا على هذه السيدة الجليلة ولكنهم لم يفلحوا لشجاعتها وبلاغة خطبها وجرأتها في الحق فجعلت في قلوبهم الحاقدة غصة الهزيمة والتقهقر ، لهذا يحاول أعوانهم من وهابية وتكفيرين وقتلة ومجرمين أن ينتصروا على هذا الصوت الرباني بعد هذه السنين الطويلة من خلال التعدي على مقامها الشريف سلام الله عليها ولكن هيهات للأقزام أن يقارعوا العظام وهيهات للمنهزمين أن يواجهوا المنتصرين وهيهات لأصحاب الباطل أن يقفوا أمام أهل الحق ، فستنتصر عقيلة بني هاشم عليها السلام على كل هذه الفلول التي جاءت لنصرت بني أمية والأخذ بثأرهم من بطلة كربلاء عليها السلام التي فضحتهم وأظهرت حقيقتهم للأمة ، وهكذا سَتُظهر هذه السيدة الجليلة حقيقة هؤلاء التكفيرين وضلالهم وفساد عقائدهم لهذه الأمة المغلوبة على أمرها التائهة ما بين حكام الجور و وعاظ السلاطين ، وتقول لهم كما قالت للفاسق يزيدهم (فكد كيدك وأسع سعيك وناصب جهدك فو الله لاتمحوا ذكرنا ولا تميت وحينا ) فسلام عليك يا لسان الحق الناطق يوم ولدت ويوم أستشهدت ويوم تبعثين حيا .
https://telegram.me/buratha