نور الحربي
ليس بالتمنيات وحدها تحل الازمات وتبدد المخاوف وتغلب مصلحة الوطن والمواطن فواقع الحال الذي نراه ونعيشه يقول انه لايمكن قبول خطاب من يتهددون ويتوعدون فمنهم من يريد فتح بغداد ومنهم من يريد معاقبة الكرد ومنهم من يرى نفسه فوق الجميع بما فيهم الوطن الذي ينتمي اليه ويعتاش من خيراته وثرواته مع ذلك فما تم في ظل الازمة الراهنة يعتبر مقبولا فبعد جملة من المطالب التعجيزية والمماطلات تم اقرار الموازنة العامة من قبل الكتل النيابية في مجلس النواب وقد مرت هذه الموازنة بمخاض عسير ومفاوضات معقدة لكن ماتم قطعا خطوة مهمة لمصلحة المواطنين وهي قد تشكل حلا لمشاكلهم كونها وسيلة لتوفير الخدمة لهم واطلاق المشاريع الخدمية التي تمس حياتهم وبغض النظر عن المواقف المتشنجة للبعض ومع من نحن فالعملية شهدت تصويت مكونات التحالف الوطني عليها وهو ما يعكس حرصها على ان تخرج الموازنة خارج لعبة السياسيين ومن يزايدون من اجل اقرارها بعد ان يشترطوا ويعطلوا ويعرضوا وجهات نظر وسقوف عاليه ليفوزوا بما يريدون على حساب الشعب باغلبيته ممن لا ناقة لهم ولاجمل في مسلسل التعطيل وصراعات الفرقاء وهو اجراء تم تمضيته لان الامور باتت مملة وغير واضحة بفعل اخضاع مبدأ التوافق بين الكتل الى اهواء وامزجة بعض الكتل السياسية من هنا كان اعتماد مبدأ الاغلبية حلا صعبا لكنه مقبول وان اثار حفيظة البعض ممن لازلنا نعتقد انهم شركاء حقيقيون نسعى جاهدين للحفاظ على علاقاتنا الطيبة معهم لكن للضرورة احكامها وكما مضوا لممارسة بعض الخيارات بعيدا عنا فلنا الحق ان نفعل ما نراه صوابا لمصلحة شعبنا مع حرص ان تشهد الايام القادمة اتفاقات وتفاهمات معهم لاجل اعادة الثقة والمضي في وضع اسس صلبة لطبيعة العلاقة تقلل من حجم الاختلافات وتمضي بالعلاقة بين الطرفين نحو تحقيق الهدف الاسمى وهو تأكيد الوحدة الوطنية والوئام الوطني وبين المكونات العراقية وهو حل وخيار متاح سيما ان السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي كان قد بدء مع مجموعة من رفاقه وشخصيات سياسية اخرى خطواته لردم الهوة التي اخذت بالاتساع بين التحالفين الوطني والكردستاني فضلا عن جهود حثيثة اخرى للتقريب بين وجهات النظر مع بعض قوى القائمة العراقية وهو تحرك ان اردنا قراءاته بشكل واقعي ينم عن حرص ووعي تامين بخطورة المرحلة وان لم يحقق في بداياته النتائج المرجو منها خصوصا مع بعض اطراف العراقية لكنه بدء شيئا فشيئا يشكل حاجزا مهما اوقف الامور من الاتجاه باتجاهات تصعيدية بين الاطراف المتنازعة المتصارعة ودفع الكرد وقياداتهم الى التأكيد على ضرورة ان يدوم التحالف الشيعي الكردي اوقاتا طويلة من اجل مصلحة العراق في ظل تصاعد لهجة المتطرفين والانتهازيين ممن ركبوا موجة التظاهرات وهو ما يدعو الجميع الى مغادرة صفحة الانانيات الضيقة والتوجه فورا الى طاولة الحوار من اجل حل الاشكاليات العالقة وفسح الحوار امام لغة التعقل لتسود في حل المشاكل بدل التصعيد والتنابز والتهديدات الفارغة التي لاطائل منها. ان العقلائية التي تحدث بها السيد الحكيم مؤخرا وهي لغة مجردة لاتحتاج الى تأويلات فنحن نحتاج من يوازن ويدفع بالامور الى جادة الصواب بدل التهور والوسطية بدل التطرف والمثاليات الحالمة التي لاتحقق النتائج المطلوبة والتي تقول اننا مع التحول الى مبدأ الأغلبية السياسية في إدارة شؤون البلاد لكن السؤال هو كيف نحدد ونرشد ونصل بهذا المبدأ الى العمل ونرضي الشركاء ايضا لئلا تنفلت الامور ويتحول هذا المبدأ الى عصا غليضة تعاقب الاخرين بعد ان يخضع لمزاج الحاكم ومن يقفون في صفه كما لابد ايضا ان تسحب ورقة الادعاءات التي يتحدث بها البعض من ان الاغلبية السياسية هي عودة للديكتاتورية لان من يترأسها ويدفع باتجاهها هو رئيس الحكومة لذلك فهو سيقوم بتهميش الاخرين وعندما يتم الاتفاق على مبدأ الاغلبية السياسية التي يراها السيد الحكيم والتي تحقق كل ذلك فهو يقول انها "ليست غالبية اللون الواحد وإنما الغالبية الممثلة للمكونات الاساسية لأبناء شعبنا" وهذا اقرب واكثر تأثيرا وقبولا عند الاخرين كما انه يحقق المرجو منه لانه سيضع ممثلي المكونات الاخرى في الحكومة عند مسؤولياتهم بوصفهم ممثلين للمكون ويتحملون نصيبهم من العمل بنجاحاته واخفاقاته طبعا بعد وضع برنامج متفق عليه من قبل اطراف هذه الحكومة يكون بمثابة خارطة طريق للخروج من الوضع الحالي والاداء الحكومي المتذبذب الذي يمثله غياب البرنامج الحكومي الواضح الذي يوزع المسؤوليات ويسمي الاشخاص القائمين عليها ويحاسبهم ان اخطأوا ويثيبهم ان نجحوا وحققوا الانجاز وهو سيحسب لهم ولمثل هذه الحكومة ان تحققت وهو ما نراه حلا للخروج من الازمة مع المزيد من الحوارات والعمل الجاد لانهاء حالة الجفاء وافتعال المشاكل التي اخذت تتكاثر فمرة التظاهرات ونغمة الغاء بعض القوانين واخرى ملف النفط في كردستان مما يستدعي من الجميع ان يكونوا بمستوى معين من الوعي لتفويت الفرصة على المتصيدين بالماء العكر وهو خيار ملح يمكنهم ان يمضوه ان تقبلوا الشراكة بمعناها الوطني الحقيقي لا بمعناها الغنائمي الذي يرون فيه ضالتهم وهو قطعا ما يقوض اسباب استقرار الدولة العراقية ويضعها في مهب رياح الازمات التي تحركها هذه العقلية الانتهازية المنشغلة بتحقيق المكاسب على حساب الوطن ومواطنيه ,فهل سنكون وتكونون في سفينة الوطن ومشروعه ام في زورق نجاتكم وحدكم على حساب الجميع؟!! ...
https://telegram.me/buratha