علي جاسم
لعل المشهد الواضح وضوح الشمس، والمتفق عليه بين جميع المواطنين العراقيين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وانتماءاتهم، والاكثر شيوعا هذه الايام هو المشهد والحدث الاول في الشارع العراقي من حيث الاهتمام والترقب والتأمل وهي بالطبع الحملة التنافسية لانتخابات مجالس المحافظات والمتمثلة بالدعاية المستخدمة من قبل المرشحين والتي تنوعت بين اللافتات المنتشرة في الشوارع والساحات العامة وبين الاعلان في وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، كما ان الملاحظ ان اغلب هذه الاعلانات رغم بساطة بعضها وكبر حجم بعضها الاخر إلا ان معظمها تشترك في صفة واحدة قد تتفاوت في درجات وضوح مواقفها وغموض اسبابها وهي غياب البرامج الانتخابية الواضحة والمعلنة للجمهور العراقي، فلا نشاهد خطط وبرامج واستراتيجيات يعلنها السادة المرشحون للانتخابات مثلما يعلنون عن أرقام كياناتهم وتسلسلهم فيها، فغابت الخطط المنهجية التي من المفترض ان يعمل عليها اعضاء مجالس المحافظات المقبلين والتي ينبغي ان تكون هي وسائل الاقناع في جذب الناخبين الى ترشيحهم واختيارهم بعد اقتناعهم بهذه البرامج الانتخابية والخطط المستقبلية في ادارة شؤون المحافظة بشكل فعال وصحيح لتحقيق الهدف الاكبر وهو خدمة المحافظة بشكل خاص والعراق بشكل عام. كثيرة جدا هي اللافتات والبوسترات والصور المتعلقة بمرشحي الانتخابات، وكثيرة جدا هي الاحزاب السياسية والائتلافات المشاركة بعملية انتخابات مجالس المحافظات، وهو حق دستوري لجميع العراقيين بدون استثناء او تهميش، كما ان تعدد القوائم المشاركة بالعملية الانتخابية يعتبر مؤشرا على صحة العملية الانتخابية وحالة صحية سليمة تعكس مدى التقدم الحاصل في العملية السياسية والديمقراطية في البلاد، ورغم ان هذه التعددية في نوعية واشكال وملامح القوائم الانتخابية بالتأكيد تؤكد حقيقة التنوع المذهبي والديني والسياسي إلا ان الاختيار بين القوائم والشخصيات النزيهة والكفوءة والقادرة على البناء والاعماء وتقديم الخدمات هي ضرورة حتمية لابد منها لضمان نجاح مراحل الانتخابات بأكملها عبر المرحلة الاخيرة وهي حسن الاختيار وصوابه لأنه الغاية الاساسية من اي انتخابات.تعدد المشاركين بالانتخابات مهما كثر وكبر حجمه فهو لن يشكل فرقا أمام تحديد اختياراتنا كمواطنين ناخبين بل على العكس ينبغي ان يكون داعما وموجها صحيحا وساندا رئيسيا في تحديد النزيه والكفوء لسبب واحد بسيط جدا وهو معنى كلمة (الاختيار) الذي يجعلنا نؤمن بقدرة هذا الشخص المختار على تلبية مطتطلبات المرحلة المقبلة من العمل الاداري والاشراف الفني والتقني على المشاريع التي نحتاج وجودها بشدة في مدننا ومحافظاتنا، بما يعني انه مهما كان يوجد اشخاص مناسبين لقيادة هذه المحافظة او تلك فأن ذلك سيقود كنتيجة حتمية الى ازدهارها وتنميتها كونه سيكون سبب هذا الازدهاء وهذه التنمية، فالتنمية والبناء تتطلب قيادة ناجعة ومخلصة تؤمن بقدرات البلد على النهوض والتقدم لاسيما بعد الاختيارات الخاطئة التي قمنا بها خلال السنوات السابقة والتي سمحت بدخول اشخاص غير نزيهين ولم يتمكنوا من القيام بواجباتهم ووظائفهم بالشكل الامثل فضلا عن تغلغل بعض المفسدين الذين استغلوا مناصبهم لتحقيق مصالح شخصية ضيقة بعيدا عن المصلحة العامة التي ضاعت في مهب الريح.
https://telegram.me/buratha