صالح المحنّه
الى كلِ سياسيٍ عراقيٍ في السلطةِ وكلِّ قائدٍ أمنيّ أُوكل إليه أمر أمن الشعب والحفاظ على ارواح أبناءه وممتلكاتهم ، أن يقفَ منحياً أمام بُرَك الدماء التي ملئت أرض العراق.... ، دماء الأبرياء دماء الذين عاشوا الظلم والحرمان طوال حياتهم ..واليوم لوّنت دماءهم الشوارع والساحات ، ينحني معتذراً أمام أشلاء الأطفال... الذين تناثرت أعضاءُهم الطريّة على أبواب المدارس.. وصبغت دماءهم جدرانها لترسمَ لعنةً على كل المتاجرين بالدين والسياسة ،عليهم جميعا بلا إستثناء من أصغرهم الى أكبرهم... أن يعتذروا للعمال الذين تكدّست جثثهم فوق العربات ، يعتذروا للأم التي تسحب جسدَ إبنها وقد فارق الحياة وحيدةً باكيةً خوفا على جثته أن تلتهمها النيران ، لاإسعاف ولا مسعفين.. يعتذروا ويعتذروا ولايجدي الإعتذارُ نفعاً ، عليهم أن يتجمعوا أمام هذه الأشلاء والدماء ويعترفوا بالفشل ، ويتركوا التحليلات والتبريرات والإتهامات ، فقبل كلِ تفجير إجرامي يرسل لكم عدوكم تهديداً واضحاً وعلنياً بالزمان والمكان ، وتفشلون في حماية أرواح الأبرياء ، ويتكرر الأمر في كل يوم وفي كل اسبوع ، فمن هو الفاشل إذن ؟ ومن يتحمّل مسرولية إراقة ونزف الدماء؟ مّن المسبب وما هي الأسباب ؟ والى متى المجاملة والتهاون على حساب ارواح وقوت الفقراء ؟ ويُضاف الى فشلهم الأمني فشلٌ آخرلايقلُّ خطورةً عن سابقه ، وهو التأخير في إسعاف الجرحى وعدم نقلهم الى المستشفيات ، حتى مات أكثرهم منهم من شدة النزف ومن طريقة الإخلاء العشوائية ، وكأن الأمرَ جديدٌ عليهم ، في بلد مثل العراق ينزف أبناءه يوميا دماً وموتا ، كيف لاتُتخذ إجراءات مسبقة... ولاتحتاط الدولة لمثل هذه الجرائم ؟ وكأنهم يعيشون في منتهى الأمن والأمان ، تركّز إهتمامهم على أمن الرقعة الخضراء فحسب ، وتركوا أرض العراق تعلوها الدماء ، في بلدٍ مضطربٍ كبلدنا كان يجب عليهم أن يوفّروا سيارات الإسعاف بأعدادٍ هائلة ويزيدوا اعداد المسعفين.. ولو عشر اعداد الحمايات، فلاتوجد دولة في العالم يحتاج شعبها الى مسعفين وإسعافات مثل العراق ، ومع ذلك لايهتم السياسي والوزير بهذا الأمر ، وقد أوكلوه الى أصحاب العربات المتجولة ، وهذا أمرٌ آخر يجب على الحكومة أن تلتفت إليه وتوجه الشكر الى أولئك العمّال الذين سخّروا عرباتهم لنقل الجثث والجرحى حتى صُبغت أخشابها باللون الأحمر.. من كَثرة الدماء، مشاهدٌ مأساويةٌ.. تتكرر في كل يوم ، يدفع ثمنها الفقراء والأطفال ، تتصاعدُ وتيرتها.. كلّما زاد التوترُ بين السياسيين ، وكأن كلاب الوهابية والبعث تنتظر الإشارات من عمق القرار السياسي.. داخل المنطقة الخضراء ، السؤال الى متى يستمر هذا التراجع وهذا التهاون أمام إستباحة الدم العراقي ؟ وهل يكفي التبرير والإعتذار والإستنكار والتنظير الفارغ أمام وجع الأمهات والآباء ؟
https://telegram.me/buratha