تدل التطورات السياسية والأمنية الأخيرة أن مهمة إنجاز انتخابات مجالس المحافظات تمر بأزمة حقيقية، تتمثل بمحاولات محمومة لعرقلتها عبر آليات وأدوات باتت مكشوفة الأغراض والأهداف، سيما في محافظات نينوى والأنبار، وتنصب أهداف تلك المحاولات على الوصول الى هدفين: الأول هو إبقاء الوجوه المستهلكة التي وصلت الى فوارز القرار في تلك المحافظات في مواقعها الراهنة..هذا هدف..أما الثاني والذي تم التعرف عليه من معرفة الجهة الدافعة والعاملة على تأجيل الانتخابات هناك، فيتمثل في أن تلك الجهة وهي "حزب أسلامي"، باتت متأكدة من أنها بحاجة الى القيام بجهد ديماغوجي كبير، كي تعود الى مجالس المحافظات التي غادرتها في الانتخابات السابقة، وليس مثل عملية التأجيل المدعمة باستمرار "فلم" الإعتصامات من فرصة لإعادة تشكيل حشد حول هذا الحزب، بعد أن فقد قاعدته الشعبية لأسباب معروفة، في مقدمتها طائفيته و انغماسه في لعبة الازدواج، قدم في السلطة وقدم مع الارهاب..
وإذا سارت الأمور بالاتجاه الذي يبتغيه أصحاب هذا المخطط، فإن البلاد ستشهد تراجعا كبيرا في المسيرة الديمقراطية، أساسه رغبة أصحاب هذا المخطط بالحصول على أكبر قدر ممكن من كعكة السلطة لإشباع الذات والحزب والفئة، وهذا بالطبع سيضع البلاد أمام أزمة كبيرة تفتح باب الفتنة، وتساهم بعودة الدكتاتورية البعثية وتعزز التدخلات الإقليمية.
غير أنه ثمة هدف يرتبط باستمرار لعبة التظاهرات الإعتصامات، ربما غاب تماما عن أذهان ساسة بغداد، إذ أنه وبمضي الوقت ستتشكل في تلك المحافظات سلطة موازية لسلطة الحكومة، بأهداف ورؤى وخطط مختلفة تماما عن هدف بناء دولة مؤسسات حقيقية، ويغذي هذا المنهج القوى التي تعمل على بعثها الطائفية المتعصبة العمياء، موظفة إمكانات كبيرة معظمها وارد من الخارج علنا، للوصول الى هذا الهدف الخبيث, ولا تتورع في سبيل تحقيق أهدافها من تدمير كل شيء وكل منجزات العراقيين السياسية، وستتحول الحكومة والبرلمان ومجالس المحافظات الى أقنان ديكة مغلقة على من فيها، فتنهش الديكة أحدها الآخر.
وكي يوأد هذا المخطط في مهده يتعين أن نذهب الى مساحة نؤمن جميعا فيها، إن مستقبل العراق لن يبنى إلا بشراكة حقيقية، تركن على الرف الاعتبارات الشخصية والفئوية والحزبية في هذه المرحلة على الأقل، فلا شراكة حقيقية بين متخاصمين يبحث كل منهم عن زلات وهنات الآخر يتصيدها ويطبل لها، وبواقعية نقول أن أثر الخصومات سينعكس على الشارع فورا، لأن ثقافة الاحتراب ما زالت معششة في الرؤوس التي لم تستطع مغادرة الماضي بكل آثامه وآلامه، ولن نتمكن من مغادرة الماضي إلا بإشاعة ثقافة الاتفاق على حد مقبول ومتوازن من الجميع، مما يجعل الطريق سالكة لبناء دولة مؤسسات تستند الى القانون، وبما يؤمن تنظيم علاقة المواطن مع الدولة، وفقا لعقد اجتماعي هو عقد المواطنة وسيادة الدولة.
كلام قبل السلام: أمضى أديسون الوقت في 99 تجربة فاشلة كي يتوصل الى صناعة المصباح الكهربائي، وفي كل مرة لم يقل أن هذه تجربة فاشلة، بل كان يقول دوما إنها تجربة لم تنجح..!
سلام...
https://telegram.me/buratha