المقالات

لا تصدقوا ... لا عاصمة ولا ثقافة /

497 01:12:00 2013-03-24

حافظ آل بشارة

بغداد عاصمة للثقافة العربية ، عبارة اعلانية كل ما فيها مزيف ، لان بغداد ليست عاصمة لأي شيء ، ولا توجد مدينة حقيقية بهذا الاسم ، هي قرية كبيرة شبه مهدمة تتجول فيها السيارات المفخخة والانتحاريون ، وتملأ ساحاتها خيم العزاء وتلاوات كبار القراء التي تختلط مع عويل الثكالى ، وتقطع شوارعها المليئة بالقمامة جدران خرسانية عملاقة ، وتزدحم في تقاطعاتها أفواج الشحاذين ، فهل هذه عاصمة حقا ؟ ننتقل من موضوع العاصمة الى موضوع الثقافة ، هل توجد في العالم ثقافة بأسم (الثقافة العربية) المعروف ان التمدن البشري يمر بثلاث مراحل ، هي : الرؤية الكونية ، الثقافة ، الحضارة والانتاج الحضاري ، العرب اصبحوا امة عندما اصبحت لديهم رؤية كونية بوجود الاسلام والنبي والقرآن ، ثم تشكلت ثقافتهم الاسلامية ، ولا توجد لديهم ثقافة ولا هوية ثقافية خارج اطار الاسلام ، ثم تشكلت حضارتهم وانتاجهم الحضاري المادي والمعنوي والسياسي والاخلاقي والعمراني ... وعندما فارق العرب الاسلام فقدوا رؤيتهم الكونية وانقطعوا عن ثقافتهم الاسلامية ثم توقفت عجلت انتاجهم الحضاري ، وانتهى فلمهم الهندي ، كانوا دولة كبيرة وفي معاهدة سايكس بيكو سنة 1917 مزقها امراء الحرب العالمية الاولى المنتصرون الى بلدان صغيرة وتقاسموها ، فظهرت لاول مرة في حياة العرب الدولة القطرية ، وهذا معناه ان الاستعمار اختلق للعرب بلدانا ، ثم قام بتعيين رؤساء طواغيت لهم في اطار الانتداب السري ، ثم صنع لهم ثقافة جديدة سماها اللادينية او العلمانية ، وقدم لهم القومية لتحل محل الاسلام ، ثم اقنعهم بأن كل ما اصابهم من تخلف وتبعية وذل هو بسبب الاسلام ! اذن عليهم ان يقلدوا الغرب ويعزلوا الدين عن الحياة ، ولم يكتفوا بذلك فقد زرعوا فيهم اسرائيل التي بقيت تدربهم قرنا كاملا على قبولها كأمر واقع ثم تطبيع العلاقة معها ثم التطوع لخدمتها ، وفي خطوة اكثر اثارة اخترعت المخابرات الغربية شكلا مزيفا من الاسلام المزعوم يعتمد التكفير والعنف وفيه يكون التكليف الشرعي للمجاهد المسلم قتل اخيه المسلم ! نجحوا في اشعال الحرب بين المسلمين ، وربما استعان بهم العربي على اخيه العربي ، وبعد هذه التحولات لم يعد العرب أمة لكي تكون لهم ثقافة ، انهم أمة تابعة ثقافتهم هي ثقافة العولمة الغربية ، تقليد وتبعية للغرب في كل شيء ، نزعة استهلاكية لكل ما ينتجه الغرب ، العرب يرسلون الى العراق افواجا من الارهابيين ويصدرون اليه ثقافة الطائفية والابادة . اذن ما هو المقصود بالثقافة العربية ، هل هي ثقافة التبعية للغرب ، ام ثقافة التكفير ؟ وهل بين الاثنتين نموذج ثالث يمكن التعرف اليه ؟ اذا نجحت بغداد في اقناع العرب بثورة ثقافية او تنمية ثقافية على اساس ثوابت جامعة ، او اقنعتهم بالعودة الى نموذجهم الاسلامي التوحيدي ، وتأصيل هويتهم ، عندها يمكن القول ان بغداد تحاول زرع بذور ثقافة عربية جديدة وحقيقية لكن فاقد الشيء لا يعطيه ، وبدون ذلك فهي الفاجعة ، ويحق لكل عراقي اعلان الحداد على كل هذه المليارات التي يجري انفاقها باسم العاصمة الثقافية ، انها عملية سرقة ناعمة هادئة وشرعية وتحت غطاء ممتاز ، حيث لا عاصمة هناك ولا ثقافة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زيد مغير
2013-03-25
كلام من ذهب ، وأروع فقرة هي ( قدم لهم القومية لتحل محل الإسلام ) وكان المقبور جمال عبد الناصر العميل الصهيوني هو مؤسس أو من اصبح حمارا للصهيونية لتنفيذ هذه الفكرة ، ولا ننسى هتافات عصابة البعث ( فلسطين عربية فلتسقط الصهيونية ) حيث افقدوا هوية فلسطين من إسلامية إلى طائفية .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك