بسمه تعالى
بينما كنت واقفة أنتظر باصا ً يقلني الى منزلي بعد يوم مرهق , اتكأت على عمود بجواري واخذت عيناي تمسح كل من كان في الشارع وترسل الى عقلي مزيدا ً من الصور المؤلمة , فالعراقي يتحرك وليس ساكن ولكن لاشيء يتطورالا بنحو سلحفاتي تكاد لا تدركه وبين ظلمه لنفسه وظلم الاخرين له اجده منهكا ً مهموما ً مأسوفا ً عليه . وبينما انا سارحة تفكيري هذا واذا بحركة حسية على يدي , كانت طفلة متبسمة وبيدها ورقة تقدمها لي بادلتها بابتسامة متسائلة واذا بها تخبرني انا (يم بيتكم ) وادركت اني اراها كل صباح عند ناصية الشارع وصادف ان تبادلنا بعض الكلام وما ان نظرت الى الورقة حتى ادركت انها شهادتها المدرسية وانها الاولى على الصف الاول فرحت لانها قدمتها لي رغم انني بلكاد اتذكر معاني وجهها فتلذذت البراءة والعفوية وبادلتها بمثلها ورحت اعبئها بعبارات التشجيع وختمت كلماتي المختصرة بارجاع الشهادة مضيفة ان اسمها جميل وكانت تدعى نرجس.
واذا بطفلة اخرى تقفز امامي قائلة انا صديقتها ولم نكن قد تقابلنا من قبل , قدمت لي شهادتها قرأت اسمها وكان اسمها ( بنت الهدى مسلم ) المني الاسم وابحر بي الى الماضي القريب والبعيد ووصلت الى شوارع الكوفة ببضع ثواني ورنت في اذني اشعار الشهيدة واذا بنرجس تقول اسمها بنت الهدى ؟ ( يعني شنو )؟ وكان السؤال موجه الي ولم تعطني بنت الهدى الفرصة لذلك فقالت لها يا نرجس اسمك اسم ام الامام المهدي ع واسمي اسم اخت الشهيد محمد باقر الصدر( اللي كتلة صدام ) .
كان جوابها قويا ً واثقا ً يخرج من فم صغير لجسد صغير وما ان اكملت جملتها حتى شعرت بموت صدام وخلود الشهيدة رغم يقيني بذلك !! وصرت اتأملها وهي تلوم صديقتها على السؤال فضكحت في داخلي ماذا لو عرفت بنت الهدى الصغيرة سري ! فهل ستلوم نرجس .
ماذا لو عرفت بنت الهدى انني لم اسمع بالشهيدة بنت الهدى الا بعد سقوط صدام ولا بأسم الشهيد الصدر رغم انني خريجة جامعية !! فاهلنا كانوا قد بلغوا من الحيطة مبلغا ً وهدروا كل الحقائق دفعة واحدة بعد السقوط الا ما اكُتشف منها رغما ً عنهم قبل ذلك ... وهي تلوم نرجس ذات الاول ابتدائي .!
حياتنا الان مؤلمة ولكنها سابقا ً اكثر ايلاما ً تلك هي الحقيقة التي ندركها جميعا ً . السلبيات والتناقضات تحاصرنا من كل جانب وتسرق منا التفائل والبسمة ولكن هيهات ان تنجح في كسر همتنا ما زال هناك نسمات كبنت الهدى الصغيرة التي نزداد من موقف معها زادا ً يقينا من صفعات الحياة القاسية .
ودعتها باشارة يد فلقد جاء الباص ولاحظت عيناها الخضراوين الجميلتين التي تقاطعت سواد رموشها مع لونها وكاني اتأمل نخيل العراق وبهجة ربوعنا وامل المستقبل .
ولكن للحظة سمعت صرخة من الكوفة تطالب بقتل شيعة علي !! ماذا لو قتلوا بنت الهدى ! صرت اردد , تخيلت الدماء تسيل من نحرها فاستغفرت الله وسألته ان يثبت قلبي على تحمل قدره وقضائه .
هكذا حالي واظنه حال الاغلبية مستمرون بين الامل والخوف لا نعلم ماذا ينتظرنا ولا نستطيع ان تبرقع بالامبالة وتسويف الامور كما ان الحقيقة القادمة مخيفة حد انجماد الاوصال لست مرتاحة من عدم اتخاذنا خطة كفيلة بحماية محافظاتنا خاصة مع الوضع السوري والسيرك المنصوب في المناطق الغربية كل هذا لا يبشر بخير ورغم ذلك لا نتهيأ بل اننا مستسلمون حتى للاجسام الغربية التي زُرعت في محافظاتنا لغرض ان تكون القاعدة التي تفجر الوضع من الداخل , خوف ينتابه يقين من الله هو احق بأن يحفظ لنا دينه وان يمكر بالماكرين فالدين باق والعقيدة لن يمحوها احد مازالت لم تمحى يوم الطف ولكن العمل والتدبير أين هما ؟!.
يبقى الامل في رجال العراق ان لا يضيعوا بنت الهدى الصغيرة كما ضيعوا الشهيد ة بنت الهدى واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
اختكم
https://telegram.me/buratha