المقالات

عملاء في الجنة وعملاء في النار -

552 20:50:00 2013-03-29

حمزة الدفان

اعظم كذبة انطلت على شعوب العالم هي كذبة (الاستقلال والسيادة الوطنية) ، الغريب ان الشعوب تعرف ان الدول العظمى تقاسمت العالم عقب الحرب العالمية الثانية ، ولم يفرط احد منها بغنيمته التي حصل عليها في معاهدة سايكس بيكو ، الذي تغير هو اسلوب الملكية التي تتدرج الى مستويات اولها الاحتلال المباشر وثانيها الانتداب العلني وثالثها الانتداب السري ورابعها التبعية السرية ، وفي النموذج الاخير تتولى مخابرات الدول العظمى تعيين الرؤساء والملوك للدول التابعة في العالمين العربي والاسلامي ، هذا في البلدان التي تبدو وكأنها في الظاهر مستقلة وذات دور وسيادة واستقلال في القرار ،

اما في العراق فهناك هيمنة اقوى للولايات المتحدة ، كان العراق تابعا لبريطانيا حتى الثمانينيات بعدها اصبح خاضعا للنفوذ الامريكي اي ضمن المجموعة الخليجية والعالم العربي ، وقد جاءت المخابرات الامريكية بحزب البعث لحكم العراق وقدمت صدام الى الصف الاول تدريجيا واستخدمته للقضاء على نظام ايران الجديد وهو اول نظام في المنطقة حاول التخلص من التبعية للغرب والاستقلال بنفسه فذاق الامرين وفتحت ضده جبهة مفتوحة في الزمان والمكان ، جميع دول العالم تابعة لدول عظمى في قرارها ووجودها ومسيرتها ، الصين وايران وحدهما يحاولان الاستقلال من هيمنة الغرب والحكومة العالمية ، في الحرب الباردة نجحت الولايات المتحدة في اسقاط خصمها التأريخي الاتحاد السوفيتي ،

 ثم انتشلت روسيا الاتحادية من التمزق وابقتها رمزا لذلك الكيان المنافس الذي اصبح ذكرى ، الغرب يرى ان قوة الخصم الايراني كامنة في عقيدته الشيعية لذا فالجهد ينصب على تسفيه التشيع واثارة النزاع بين المرجعيات واختلاق مراجع وهميين بتمويل من الخليج واسرائيل والمخابرات الامريكية ، واثارة الشبهات حول عقائد الشيعة ، واضعاف الجانب الفكري والسياسي والاديولوجي لديهم وتجريد شعائرهم من المغزى الاجتماعي وتحويلها الى شعائر طقوسية ليس لها قيمة اخلاقية او سياسية ، وتشجيع منهج الفهم المأساوي المنغلق لهذه الطقوس وتجريدها من بعدها السياسي ، وترك علماء الشيعة ينخرطون في المشروع السياسي اللبرالي الامريكي في العراق ويمنحونه الشرعية ويصبحون جزءا منه .

مع ذلك فأن الدول العظمى كأميركا لا تهتم بالتفاصيل وتترك للدول التابعة حرية الحركة في هامش واسع ينتهي عند خطوط حمراء يجب مراعاتها ، ولتلك الدول حرية الاتفاق والاختلاف والتنازع والتحالف او التعادي مع بعضها ولها حرية قمع شعوبها او او عدم قمعها ولها حرية الاخذ والعطاء ، حرية التصرف عند الدول التابعة واسعة تمتد من نموذج زايد بن سلطان في الامارات الذي اسس افضل دولة في المنطقة الى نموذج صدام الذي دمر اغنى دولة في المنطقة ، المهم ان هؤلاء الحكام في المحصلة النهائية يخدمون الدول العظمى المهيمنة ولا يتجاوزون خطوطها الحمراء ، اما الآن فان الهيمنة الغربية بلغت مستوى عاليا من التنظيم والدقة ، واصبحت وكالات السي آي ايه والموساد والاف بي آي هي التي تحرك مصير الدول التابعة ، تساندها شبكة من العمالقة الاقتصاديين الذين يهيمنون على الاستثمارات وحركة المصارف وعجلة الاقتصاد في العالم وهي مجموعة امبراطوريات اقتصادية مثل : برتش بتروليوم ، اوكسن موبيل ، توتال ، ارامكو ، مايكروسوفت وغيرها ، وبهذين الذراعين الاستخبارية والاستثمارية يدار العالم المحتل . العراق في صلب هذه اللعبة فقد انفقت الولايات المتحدة اكثر من ترليوني دولار وقدمت اكثر من خمسة آلاف قتيل من جيشها لتغيير النظام القائم وتاسيس نظام جديد ، لذا فهي تملك العراق بامتياز ، وانسحاب قواتها الشكلي لا يعني الغاء تبعية العراق لها بل تغيير اسلوب التبعية فقط ، ولكن لو اراد العراقيون في مساحة الحرية المسموحة لهم ان يبنوا دولتهم الحديثة فان اميركا لا ترفض ذلك وهي التي سمحت لالمانيا واليابان تحت وصايتها ان يتحولا الى دولتين ناجحتين من الطراز الاول في وقت مازالت القواعد الامريكية في الدولتين قائمة ، الازمات التي يعيشها العراق حاليا اغلبها من صنع العراقيين انفسهم والذين اثبت بعضهم بسلوكه انه اشد قسوة على بلده من اي احتلال اجنبي . الشعب لعراقي يتفهم كذبة الاستقلال ، وربما يتمنى استمرار الاحتلال لكنه يرفض الافصاح خوف الانتقاد ، ويفضل الصمت لانه وجد ان الارهابيين اقسى عليه من القوات الامريكية ، وان ساسته اكثر فسادا وانانية ولا ابالية من المحتلين ، يفترض ان تختار الولايات المتحدة اشرف عملاءها في العراق ليديروا التجربة ويؤسسوا النموذج ، ويفترض ان تدافع واشنطن عن الشعب العراقي ولا تسمح بابادته بأيدي التكفيريين الذين هم جنود للمخابرات الامريكية والاسرائيلية ، تحركهم عن بعد وهم لا يشعرون ، تبعية دول المنطقة للغرب معروفة وهي بديهية ولكن الغريب ان تبعية الآخرين جنة وتبعية العراقيين نار !

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك