محمد مكي آل عيسى
مما لا تختلف عليه المجتمعات الإنسانية من أن الكذب فعل سيء ينقل الكاذب فيه خبرا لا يطابق الحق والواقع , وهنا لا أقصد المجتمعات الملتزمة أو المتدينة فحسب , وإنما كل مجتمع حاول أن ينهض بمستواه القيمي والأخلاقي فنرى بعض المجتمعات الملحدة التي لا دين لها تعتبر الكذب قبيحا أيضا .ونحن المسلمون ووفقا لمدرسة أهل البيت ع نعتبر الكذب قبيحاً بذاته وكل فرد منـّا يشعر بذلك وإن الصدق هو صفه الكمال والسعادة التي يريدها الله لنا وتعهد هو (جل شأنه) لنا بدمغ الباطل وإزهاقه بالحق ومن غير تأخير حتى أصبحنا نؤمن ونقول ( حبل الكذب قصير ).وعندما يكذب أحدنا فذلك لحاجة معينة كالخوف من العقاب أو سداد نقص في النفس كحب الظهور والشهرة وتحقيق المصالح وغيرها من المواطن التي لولاها لما إحتاج الإنسان للكذب .أما الغرب فيعتبر الكذب جريمة مخلّة بالشرف !!!وهنا يأتي السؤال المحيّر لماذا إذاً يجعلون له يوما خاصا يسمى (( كذبة نيسان )) يبيحون به الكذب بل يعتبرونه لطافة وظرافة ويضحكون على المقالب التي تحصل لمن نسي أنه يوم إستباحة الكذب ؟؟!!أمرٌ مخل ٌ بالشرف يخصصون له يوما يتنازلون في ذلك اليوم عن شرفهم ويبيحون الكذب القبيح لماذا ؟؟!!كثيرة هي التعليلات التي تبين كيف بدأهذا اليوم الأول من أبريل والذي أعتقده هو أن تمسك المجتمعات الغربية بالصدق وعدم الكذب لم يكن بسبب الكنيسة والديانة المسيحية التي ترفض الصدق وتحرم الكذب وليس لأن الكذب قبيح ومكروه بذاته بل لأنهم رأوا أن حياتهم المادية لا تستقيم إلا بالصدق وإنهم إن أباحوا الكذب فسوف لا يتقدمون خطوة إلى الأمام وهذا ما دعاهم للتمسك بالصدق ونبذ الكذب.و لكن ما دامت حياة الفرد الغربي متعلقة بالحياة الدنيوية المادية ومرتبطة بها فحسب فإن الحياة المادية تفرض على الفرد أن يجعل مصلحته الخاصة فوق مصلحة الجميع العامة وهنا تظهر الحاجة الفردية للكذب عندهم !! .فالفرد الغربي إذاً بين مصلحة المجتمع الرافضة للكذب من جهة وبين مصلحته الخاصة التي تتطلب الكذب ليكسب ويغنم ما يريد فيكون الصدق عبئاً عليه يريد التخلص منه لأي سبب لكن المجتمع العام لا يوافقه . لذا فقد إتفقوا من حيث لم يخططوا على جعل يوم للراحة من الصدق وجعلوه الأول من نيسان أبريل للتحرر من قيود المصداقية الثقيلة ويخلعوا لباس الشرف في ذلك اليوم ويعلقوه على الشمّاعة ليقولوا ويفعلوا ما يحلوا لهم بذريعة أنه يوم مخصص للكذب كما أن العرف كالقانون لا يحمي الناسين لذلك اليوم ولا يحمي المغفلين فهذا اليوم هو يوم تمرّد على قيمهم التي لا تتصل بالسماء وتبقى تدور في الأرض أما السذج منا فكالعادة تسابقون في تقليد الغرب بكل ما يفرضه علينا متناسين القيم والأخلاق والحرمة ومروجين ليوم فيه عيد للشيطان يباح فيه الكذب الذي سبب الكثير من المآسي والويلات في مثل هذا اليوم .لقد كان الكذب السلاح الأول لأبليس ( لعنه الله ) حينما كذب على أبينا آدم عليه السلام وأقسم له كذبا وأخرجه من جنتهونحن نخصص يوما لفعل إبليس القبيح الذي حاربنا به لنلعب ونمرح.ومن يدري ربما يأتي اليوم الذي نسمع فيه بـ (( سرقة أيار )) و(( خيانة حزيران )) و(( زنا تموز )) و(( قتل آب )) و...و...و...فمن إستباح جزءا فلن يتوانى عن إستباحة الكل
https://telegram.me/buratha