لقد وقفت المرجعية الدينية في النجف الأشرف، سدا منيعاً أمام نشوب الحرب الطائفية في العراق، على رغم مما تعرض له الشيعة في العراق من قتل وتفجير في الحسينيات والمساجد ومراقد الأئمة وفي الشوارع والأسواق، واغتصاب النساء و قتل الأطفال ، حتى تعدت الأيادي الآثمة إلى تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء، وضرب مدينة كربلاء المقدسة، والنجف الأشرف، والكاظمية المقدسة وجميع قبور الأئمة وأولادهم بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة، وقتل زوار الإمام الحسين (عليه السلام) وباقي زوار أئمة أهل البيت (عليهم السلام) أين ما وجدوا
ولقد استخدمت قوى الإرهاب والتكفير مختلف الطرق من أجل جر المرجعية الشيعية إلى الحرب الطائفية ، ولكن المرجعية الدينية رغم كل هذه الأعمال التي لو جرت على طائفة من الطوائف، لردت رداً عنيفاً حتى لو تدمر البلد بكامله، وحتى أن الكثير من أتباع المرجعية الدينية انتقد موقفها الداعي إلى ضبط النفس، وطلبوا منها إعطاهم فتوى بالرد على هؤلاء، فكانت تأمر بالحيطة والحذر وعدم التسرع في الأمور، وبيان أن هذا المشروع لا يخدم الشعب العراقي وهو مشروع صهيوني غربي بأيادي سعودية قطرية، وتنفيذ من القاعدة وفلول النظام الصدامي .
واليوم يحاول عملاء الصهاينة والاستكبار العالمي وهم تركيا وقطر والسعودية، بعد أن فشلوا في إشعال الحرب الطائفية في سوريا، في أن يجروا العراق إلى حرب طائفية، من خلال تحريك أهالي المنطقة الغربية بالخروج بالمظاهرات وإطلاق الشعارات الطائفية، والمطالبة بأمور مخالفة للدستور العراقي الذي صوت عليه الشعب، وهي عبارة عن رفع مادة أربعة إرهاب، وإطلاق سراح المجرمين القتلة و الإرهابيين، وإلغاء قانون المساءلة والعدالة الخاص بأزلام النظام البائد، الذي لاقت المرجعية الدينية بالخصوص والشعب العراقي والطائفة الشيعية على وجه التحديد، القتل والسجن وتشريد والتضيق على العلماء، حتى قتل منهم من قتل وهجر من هجر، ولقد ارتكب النظام الصدامي جرائم كبيرة بحق المرجعية الدينية في النجف الاشرف، فقتل الكثير من مراجعها ومن أبرزهم السيد محمد باقر الصدر، والسيد محمد محمد صادق الصدر وغيرهم من المراجع الكبار،
وبعد سقوط النظام البعثي الظالم لم تسلم المرجعية الدينية في النجف الأشرف من اعتدائهم، حيث تعرض مكتب السيد السيستاني وباقي مكاتب العلماء عدة مرات إلى الاستهداف من قبل القاعدة والصدامين ، وقتل الكثير من والمعتمدين في مناطق مختلفة في العراق وتعرضت النجف الاشرف إلى التفجير عدة مرات، وقتل السيد محمد باقر الحكيم بالقرب من الضريح المقدس للإمام علي (عليه السلام) ، وإصدار الفتاوى بقتل الشيعة ومن يقف معهم جميعاً، ولكن مع ذلك لم تحرك المرجعية أتباعها نحو الطائفية ، وإنما كانت تدعوا إلى التهدئة ، وإن هؤلاء لا يمثلون أهل السنة ، وعلى الرغم من أن الكثير من علماء المذاهب السنية لم يقفوا مع الشيعة والمرجعية إلا القليل منهم ، ومع ذلك أمرت المرجعية بتشريع دستور يخدم جميع أبناء الشعب العراقي، بدون التميز بينهم، ويعطي كل ذي حق حقه بغض النظر عن انتمائهم الطائفي، وكانت تقف على مسافة واحدة من جميع أطياف الشعب العراقي، في جميع الأمور حتى في الانتخابات وهذا ما اعترف به الكثير من الساسة العراقيين وغيرهم .
كما أن المرجعية الدينية وقفت على مسافة واحدة من جميع الكيانات السياسية وهو ما جعلها في موضع إعجاب وإحترام العراقيين وغيرهم.
وأما بشأن المظاهرات الأخيرة التي جرت في المحافظات الغربية ، والتي أنحرفت مؤخراً من كونها سلمية إلى مسلحة، بل إنكشفت خيوط اللعبة وظهرت أسماء الدول والشخصيات الخارجية الداعمة لإسقاط العملية السياسية والعودة بالعراق إلى الماضي.
وكانت المرجعية عارفة بذلك مع ذلك أصدرت توصيات من خلال معتمدها في كربلاء المقدسة ومن على منبر الجمعة الشيخ عبد المهدي الكربلائي ، وهذه التوصيات أذا دققنا النظر فيها ، فإنها تخدم جميع أبناء الشعب العراقي وتقف على مسافة واحدة من الجميع وهي، أن أن الكتل السياسية جميعاً تتحمل مسؤولية هذه الأزمة وآلية الخروج منها، كما طلبت أن لا يرمي كل طرف كرة المسؤولية في ملعب الطرف الآخر.
وركزت المرجعية على أن تلبى مطالب المتظاهرين المشروعة وفقط وفق أسس منطقية ومبادئ دستورية، ناهيك عن مطالبتها المستمرة بعدم تأزيم الشارع من قبل بعض الأطراف، وحثت المرجعية في توصياتها المتظاهرين والأجهزة الأمنية بعدم الاحتكاك والاستفزاز حتى لا تقع المواجهات الدامية التي يتمنى البعض أن تقع حتى يركب الموجة.
هذا هو موقف المرجعية الدينية في النجف الاشرف قديماً وحديثاً، موقفاً منطقياً أبوياً، لم يفرق بين أبناء الشعب العراقي، وهذا الأمر يتطلب من المرجعيات الأخرى أن تحذوا حذوها لكي تمنع البلاد من الإنخراط في حرب طائفية تكون الخسارة فيها للجميع.
14/5/13401
https://telegram.me/buratha