لم يستفزني خبر كالخبر الذي أعلن أول من أمس عن أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء قد عممت على دوائرها كافة اعتماد شعار "جرائم النظام المباد ضد الكرد الفيليين جرائم ابادة جماعية" على المخاطبات الداخلية والخارجية كافة. وأن بيان لها نوه عنه الخبر يشير الى "ان الاعمام يهدف للتذكير بهذه الجرائم المنكرة التي طالت ابناء شعبنا جميعا وبخاصة الكرد الفيليين منهم". و"ان الشعار سيُعمل به لمدة اسبوع واحد على الخطابات الرسمية داخل الأمانة العامة".
في موضوع الأستفزاز الذي أتحدث عنه لا أشير الى النوايا، ولا أغبن حسن الطوية فيها، فالذي أصدر هذا الإعمام جزاه الله خيرا كان قد أجتهد بما بيده من أدوات، ويبدو أن تلك الأدوات لا تتعدى هذا المقدار كيفية ومكانا وأمدا زمانيا.. في موضوع الكيفية فإن الهدف الذي أشار اليه البيان هو "التذكير..!".. وأثير هنا أسئلة محددة:
أولها: هل أن مأساة بهذا الحجم مازالت متفاعلة أحداثا وأسبابا ونتائجا، تحتاج الى مثل هذه الوسيلة البسيطة من وسائل التذكير، بل هل هي بحاجة الى "التذكير" ذاته..!؟..لكن يبدو أن النسيان طواها فعلا فجرى"التذكير"...
وثانيها: حيزا مكانيا؛ فهمنا من أن الإعمام إياه معنية به المخاطبات الرسمية "داخل" الأمانة العامة..حسنا، وخارجها..! فهل أن مؤسسات الدولة الأخرى غير معنية بقضية الكورد الفليين؟..!...صح المثل: ما لجرح بميت إيلام..!
وثالثها: أن جهة التذكير هي المعنية قبلا بأن تتذكر تلك الظلامة الكبرى التي تعرض لها الكورد الفيليين، وسأكون حسن النية وأقول هل أنها كدائرة قرار وتنفيذ تريد أن تذكر نفسها؟!...وأجيب عنها: هذا شيء حسن، ربما، ربما ..فمن حاجة المسؤول أن يتذكرا..!
ورابعها: أمدا زمانيا؛ اسبوع واحد فقط قبالة تاريخ طويل من القهر والإذلال والتهميش والأقصاء والأبعاد وكل مفردات الظلم التي أعرفها والتي لا أعرفها والتي حفلت بها قضية الكورد الفيليين!؟..يكفي فوقت الدولة من ذهب إن لم تقطعه ذهب..!
وخامسها: ومرة أخرى سأكون حسن النية مثلما كنت دوما، وأتسائل: بعد عشر سنوات على زوال أسباب الظلم وبعد تشخيصه وتحديد أبعاده، هل في نية الحكومة أن تعترف أنها وكل مؤسسات الدولة المعنية بقضية الكورد الفيليين لم تفعل ما يكفي لرفع الظلم ذاته؟..إنكار حصول الشيء في أغلب الأحيان يعني إثباته..!
وسادسها وهو الأهم: إننا إذن قد توصلنا الى أن قضية الكورد الفيليين بأبعادها التاريخية والأنسانية والأجتماعية، لم تتوفر لدينا الإرادة السياسية لإنهائها من خلال جهد وطني كبير يطوي صفحتها الى الأبد، فهل نحن فاعلون؟!..سنفعل..سنفعل ولكن بعد فناء آخر الكورد الفيليون..!
كلام قبل السلام: في رؤوسنا عدد من الثقوب تؤدي وظائف حيوية مزدوجة: العين للإبصار والبكاء، الأذن للسمع والتوازن، الأنف للتنفس والشم، الفم للأكل والنطق..ثمة وظيفة عكسية ثالثة لكل هذه الثقوب مجتمعة، هي أن تخرج منها الأفكار على ورقة..!
سلام..
https://telegram.me/buratha