المقالات

قصص لا تنطوي 14 / وإذا عندي ذنب، ذنبي..اهلي أكراد فيلية...بقلم: زهراء محمد

1288 20:14:00 2013-04-04

 

ذهب الذين عليهم وجـــــــــدي وَبَقِيْتُ بَعْـدَ فِرَاقِهِمْ وَحْدِي

مَنْ كَانَ بَيْنَكَ في التُّرابَ وَبَيْنَه شبران فهـو بغـاية البـعد

                                                                             من شعر سيد المتقين الامام علي (ع)

*** *** ***

في البدء لابد لي أن أشكر سماحة السيد المبجل عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي لتبنيه «المؤتمر العام للكورد الفيليين» وتحت شعار "الكورد الفيليون..إبادة جماعية وحقوق منسية"، والذي وضع يده على مصيبتنا واقترح كيفية معالجتها ولعمري لم أسمع إسهابا مثله في إنصاف قضيتنا ونحن تعودنا منه ومن بيت آل الحكيم «قدس سرهم» مثل هذه المواقف الشجاعة ولهفة المظلومين والدعوة الى إحقاق الحق وإنصاف أهله.. وكذلك الشكر الجزيل لكل من ساهم في المؤتمر ومنهم السيد مبعوث الامم المتحدة مارتن كوبلر في كركوك، ورئيس كتلة المواطن البرلمانية السيد باقر جبر الزبيدي والسيد علي العلاق على كلماتهم التي تناولت معاناتنا في الماضي ومشاكلنا في ظل الحكومات الحالية

*** *** ***

الى كل الضحايا من الكورد الفيلية وإخوانهم ضحايا النظام السابق وضحايا الارهاب من العراقيين، انتم نورتم طريق الحرية لنا جميعا، وبنور تضحياتكم نستدل طريق الامل

*** *** ***

هن قضن، من الاعوام، ثلاث وثلاثون

في كل عام منهن تهب ريحهم قادمة من بعيد.. من هناك... من العراق

تهب ريحهم، لتعصف في ذاكرتي محياهم لئلا تغفوا عني صورهم

وتهب لتوقظ في صدري ذاك الحلم عينه

طرقات همجية خرقت سكون ليلتنا، قفزنا مرعوبين من نومنا.. والدي يطمأننا والكل يعلم من هم وراء تلك البيبان

نظرت بسرعة من النافذة الى بيوت أعمامي بجوارنا، أنوارهم أضيئت بعجالة أيضا!!!

نعم زوارهم هم زوارنا.. والمصيبة حلت سوية!!

نعم ثلاث وثلاثون مضن ولا زلت أتذكر كيف تقافز الجميع يمينا ويسارا في انحاء البيت ووجوهنا تتبادل نظرات حائرة وخائفة.. صيحاتهم تقترب وتتعالى وهم يخترقون حرمة الدار بلا خلق أو أدب.. صرخاتهم تتعالى من بيوت أعمامي أيضا.. نعم نفس الوحوش داهموهم هم أيضا.. كالوا لهم نفس السباب والتهم، عبثوا بكل اركان المنزل وزوايا الذكريات.

إخوتي.. لم يخطر ببالي اننا يوما سنرى صوركم تزيين إحتفاليات الشهداء، كنا نحلم وقتها كيف سيحقق أخي مصطفى حلمه ذات يوم بان يكون طياراً، وأخيه فاضلاً ان يغدو مهندساً وكيف تزاحمت في رأسه افكاره المبكرة احلاما ومشاريع علمية، وكذلك إخوتهما واولاد عمومتهم، ولطالما سرد واحدهم احلامه وطموحه للآخرين.

ليلتها إقتلعتهم أياد الاجرام من بيننا، ومن ليلتها غابوا عنا، ليحلوا في متاهات الذاكرة والوجدان

تركتمونا، نتلقط هنا وهناك بعض الذكريات والمواساة لعلها تخفف عنا

وبقسوة زمن لم يمهلهم كثيراً.. تقطع أيادي جلادين أحلامهم الغضة، ولتسيل دمائهم الشابة يومها، ولتتيه كل تلك الطموحات على وتحت رمال صحاري العراق، يبعثرها خبث جلاديهم، ينثروها يمينا وشمالا على أرض العراق علّهم يخفوا آثار جريمتهم، ولكن شاءت مشيئة الاقدار أن تغدوا أجسادهم ورمادها بذور حرية لتنور درب الحرية للعراق ولو بعد حين، ولو رغم قساوة وحرارة تلك الرمال التي دثروها عليهم على أطراف «نكرة السلمان» أو الصحراء الغربية أو.. أو..

ولكن..؟ لن تغيب عن مخيلتي تلك السطور الكئيبة في مقتبس الحكم اللعين، وفيها تسطرت أسمائكم وأحكام الاعدام التي أصدرها عليكم أولئك المجرمين!!.. ولكن يا إلهي لماذا؟؟ ولأي جرم ساقوهم الى حتوفكم؟؟ ويا ربي أين هي مضاجهم؟؟ يحير عقلي ويبحث عن إجابة.. لماذا؟ ولماذا؟ ..

ولكن تلك المعاناة التي عانيناها وكل تلك الجراح الغائرة في جسد ذاكرتنا نحن الكورد الفيلية لكل هذه السنين الطوال، ولم تهدأ أو تعالج (اللهم إلا ببعض المجاملات الكلامية، أو الاجراءات العملية الخجولة والتي لا ترتقي إلا معالجة حجم المأساة - أو حتى قوانين نصف منصفة حتى لا نظلم أحداً، وهي عرجاء بصراحة وتفتقر الى قوة تطبيق تفعّلها على أرض الواقع) والحال هو ما زال كذلك حتى بعد عشر سنين مضت على حصول التغيير في العراق، نعم كنا هدفاً واضحاً لصدام وزمرته يومها وعمت علينا قوميتنا ومذهبنا، فنالنا بمكيالين حينها... ولكن وبعده، فالمفروض أن يشفع لنا هذا المزدوج (القومي والمذهبي) في هذه الايام ـ بعد التغيير ـ وخاصة ان أتباع هذا المزدوج يمثلون الاكثرية في البرلمان أو على الساحة السياسية، فغدوا يتقاذفوننا وشكاوانا باتجاه الطرف المقابل حين نتكلم مع أحدهم!!!!!!!

ولكن أقول ورغم هذا، فالساحة لم تخلوا من أصدقاء حميمين لنا، من ساسة ورجال دين، ومثقفين ومن صنوف عديدة، وقفوا معنا في المحنة، تعالت أصواتهم الى جنب أصواتنا تطالب باحقاق الحق وإنصافنا ووضع الفعل والعمل مكان كلام المجاملات والجمل!!

*** *** ***

ذنبي..اهلي أكراد فيلية!!!!!!

ومن خير من وضع إصبعه على الداء هو صديق الكورد الفيلية ونصيرهم المبدع الشاعر فالح حسون الدراجي، وفي قصيدته الشعبية يسرد أبي حسون سبب المعاناة الطويلة ويجيب على تساؤلاتي وتساؤلات من مثلي من حياري الفيلية ليصف وبدقة متناهية الوجع الفيلي في «أهلي اكراد فيلية»، يقول فيها:

يناسي وأهلي مابيَّه..أموت وأحيا يومية

غريب وضايع بهيمة..ولا واحد شكه بضيمه

أنام أبيت..لو خيمة..لو عالصخر ليلية

وإذا عندي ذنب ذنبي..اهلي أكراد فيلية

*** *** ***

طلعت بليل وشطلعة..؟ گالوا ما ألك رجعة

رفضَت تنزل الدمعة..لأن ماكو دمع بيَّه

سلبوا كلشي في كلشي..وخلوا دمعتي برمشي

گالوا يلله روح أمشي..أصولك مو عراقية

وإذا عندي ذنب ذنبي..اهلي أكراد فيلية

*** *** ***

وما عساي أن أضيف؟

بلى ننتظر كل عام مثل هذه الايام لنستذكر ومن خلال بعض إحتفاليات ونتلمس راحة مزيفة

تلك الوحشية التي إختطفت شبابنا وأحلامهم، وغيرت واقع حالنا الى يومنا هذا

ولا يسعفني إلا إستذكار ما كتبته عنكم يومها حين طرق نبأ إستشهادكم على مسامعنا

---------------------------------------------------------------

قصص لا تنطوي .. 3

في ذكراكم إخوتي ...... وكيف تكون الابادة الجماعية؟

أكتب في ذكرى أخوتي وأحبتي وزملاء لهم لقوا حتفهم على يد جلاّدين لم يدخل ولو بصيص نور أو رحمة الى قلوبهم يوما....

يحكى انه قبل سبعة وعشرين عاماً.. تنحنح قاض، وخط على عجالة وبقلم حبر تعودت نبالته التوقيع السريع على إعدام خيرة من شباب ابرياء لم يسبق لهم ان وقع نظرهم على جلادهم المدعو عوّاد البندر والى يمنه ويساره رهط مجرم لم تدخل قلوبهم الرحمة ولو لثانية واحدة مذ خلقوا.. أما المحكومون فهم فتية ارهقتهم ظلمة طوامير حُجزوا فيها بلا ذنب منذ اكتوبر عام 1981 وقبلها.. عندما داهم زوار الليل بيوت اهاليهم الآمنة، زوار ليل برعوا في اداء واجبهم الاجرامي، فهم لهم باع طويل في إجرام شهد لهم به الانس والجان والملائكة..

لنعود الى قاعة المحكمة الصورية وبطلها عوّاد وقلمه الذي لا يقل عنه إجراما لكثرة ما كتب مداده كلمة «إعدام» بدون تردد، بسلاسة وسهولة كانه يسعى لارضاء شوفينية صاحبه ورهطه عن اليمين وعن الشمال.

جلسات حكم لم يُسأل المحكومين فيها حتى عن أسماءهم أو أية بيانات أخرى، بل كانوا يقادون الى امام هذا القاضي اللعين، وكأني به، بالحقيقة هو كان قد قرر الحكم ليلة أمسه عندما كان يحتسي خمره في حانة من حانات بغداد، وهو يراقب الدخان الذي ملأ المكان.. يمرر اصابع يده على لحيته وهو متكيء على جنبه، كما كان يفعل الحجاج في ديوانه عندما يأمر بقطع رؤوس ضحاياه..وعوّاد هذا يتخيل أمامه سحنات وجوه وجبة بل وجبات الغد من ضحاياه ويراقب ردود افعال المحكومين حين يصرخ فيهم غدا وبلا مبالاة واكتراث إعدام.. إعدام.. يبتسم بنشوة فذلك المنظر عنده لا يوازيه شيء فهو يبعث في جسده النشوة والرضا عن إداء دوره الذي سيسعد به سيده فرعون العصر صدام الذي أمر بالتخلص من جموع الابرياء الذين ازدحمت بهم سجون العراق فوق الارض وتحتها في مطامير وسراديب، حتى السجانين أنفسهم لم يملكوا القدرة على احصاء نزلاءها..

ويحكى إن عواداً هذا كان لا يحب التأخر في النطق باحكامه ولا يحب ان يتأخر في إرضاء سيده .. كانت كل وجبة تساق اليه فيها ستوناً من الشباب الذين أرهقهم التعذيب وسياط السجان، هذه الجموع أضنها كانت تستبشر خيراً وهم يدفعون من خلال باب المحكمة ليقفوا صفاً.. فظنهم ان القضاء سيبرئهم حتماً؟ فهم لم يقترفوا أية جريمة.. ولكن وعندما يبدأ الجزار النطق بالحكم فهو مختصر ومبهم!! إعدام .. إعدام ... وهم لا يصدقون ما يسمعون.. أما الطراطير عن يمين وعن شمال المجرم عواد فبالعادة يومؤون برؤوسهم رضاً واتفاقاً في حركة اعتادوا عليها كل جلسة، ولا يكلفون انفسهم ولو من باب الفضول حتى عناء النظر في الاسماء التى تعرضها امامهم القائمة المعدة سلفاً والمطبوعة على الرونيو.. ممهورة بمهر مجلس قيادة الثورة.. فقط لتتبارك هذه بتمريرات إقلامهم لتحمل تواقيعهم.. فهم والعياذ بالله لا يفرّطون في واجبهم هذا ويطبقونه بحذافيره، ليخرج قرار الاعدام وهو بصورة «رسمية وقانونية» .. أما الوريقات تلك ففي ذاك اليوم، الاحد المشؤوم بتاريخ 26/ 06/ 1983 (السادس والعشرون من حزيران، لسنة ثلاث وثمانون بعد الالف والتسعمائة) فعلى متن سطورها كانت اسماء أخوتي وأولاد أعمامي وآخرين ثُكلت أهاليهم مثلنا - زهير عبد الكريم (أخي الصغير .. عمره وقت اعتقاله كان - ثلاثة عشر عاماً لا غير) - فاضل عبد الكريم (أخي) ثالث هندسة

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
حميد الغراوي
2013-04-05
والله ياسيدتي اوجعتي قلبي لقد ارجعتيني الى ذكريات لن انساها عشتها مع احبتي عوائل الكرد الفيليه شبابها الذين لن يغيبوا عن عيني منذ عام 1980 المولم ماذا اتذكر من ذكريات سالم ام عبد الاميرا م الحبيبه ام صالح ساعد الله قلبك واجرك الله تعالى على مصابك لقد تجاوزتي في صبرك الخنساء وللشهداء الابرياء الجنان ورضا رب العالمين
الساري للمجد
2013-04-05
انا لله وانا اليه راجعون الكرد الفيليون تعرضوا لااباده جماعيه لانهم شيعه اللهم العن اول ظالم ظلم حق محمد وال محمد اللهم العن ابن صهاك اللهم العن اهل الشقيفه وام الجمل
وضاح الجبوري - العراق
2013-04-04
مأساة العصر ..كل هذه الجرائم التي ارتكبوها بحق الكورد الفيليه والجرائم التي ارتكبوها بحق كل العراقيين . نرى النفاق السياسي لحكومة المالكي والتي تداهن هؤلاء وتقربهم وتمنحهم المناصب .ياللعجب .. هل ذهبت التضحيات سدى ..تضحيات الشيعه والكورد وحتى تضحيات السنه ..اما الكورد الفييلين .فكانوا بين فكي كماشه (كورد وشيعه)نسئل الله ان يلهمهم الصبر والسلوان ويعوضهم عما فقدوه خيرا ..ونسأل الله ان يعيد المالكي وحزبه حساباتهم وان لا يستهينوا بتضحيات الشعب العراقي
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك