للحرب الناعمة مجموعة آليات وعوامل تساعدها على الانتصار، منها معارضة المفاهيم الثقافية للعدو وتأويل الاعتقادات الحقّة التي يؤمن بها، ثم تخيل الحق باطل وقد يكون العكس صحيح أيضا ومنها تهميش دور القيادات الجماهيرية وتقليص الثقة المتبادلة بين القاعدة والقيادة وهي تنفيذ من خلال الوسط الإعلامي لتصل الى الوسط الجماهيري قليل الحصانة الثقافية فتعمل الى إضعاف ثقة الإنسان المؤمن في الجبهة المعادية بالمعتقدات المعنوية الأساسية لكن تمدد هذا المفهوم لدى المتسافلين في سلم الإنسانية فيصل الى تسخيف المعارف الإلهية مثل حقيقة الأيمان والكفر،وخلع صفة الإيمان من المؤمن وتحويله الى مشارك في إشاعة الفسق والفاحشة. ذلك ما مارسته الصهيونية فلا وجود لمحرمات أو خطوط حمر تقف عندها، فكل شيء من اجل الانتصار مباح لذلك يطلق عليها الحرب القذرة. لقد تميزت الحرب الناعمة التي تديرها الصهيونية وبدعتها ( دولية اسرائيل ) بفنون الحرب القذرة، فكانت تشوه الحقائق الاعتيادية من خلال الترويج لنظريات اجتماعية منحرفة كانت هي من وراءها.
ومنذ مؤتمر بازل للصهيونية في سويسرا عام 1890 والى خمسينات القرن المنصرم، عمل حكماء صهيون وحاخامات اليهود وعموم الحركة الماسونية على فنون الحرب الناعمة ضد الإسلام، فكانت تدفع بفلاسفة وعلماء اليهود، الى تبني الأفكار التي تفتت التركيبة الأسرية للمجتمع العالمي وانهيار المنظومة الخلقية، من خلال التشكيك والتسويف والتأويل لكل القيم الأخلاقية والمقدسات الدينية وقد روج حكماء صهيون لهدم الديانات بالقول بأن لا شيء مقدس. لأن تماسك القيم يقف حاجز دون سيطرة الصهيونية وتحقيق المطلب الأول لها هو تفكيك الكتلة البشرية من خلال السيطرة الاقتصادية لخلق عنصر الأمان، لأن تشضي المكونات يضعف الجميع، ولذلك كانوا يعظمون المرتبة العلمية للعلماء القائلين في السلوكيات السلبية المنحرفة للظواهر الاجتماعية الفطرية أو الطبيعية. ممهدين بذلك الطريق أمام خلق دولتهم اللقيطة أو دولتهم الوظيفية أو اللا مجتمعية. كان هذا ثقة منهم أن نفي التكاليف الاعتيادية يؤدي بالمرء الى نكران الاعتقاد بالمعاد، فيصبح تحت سيطرة الغريزة البهيمية تمهيدا للسيطرة عليه بإشباع حاجاته الجسدية وبالتالي يفقد الاعتراض والمقاومة فتسهل السيطرة على مقدرات الأمم والشعوب، وهذا العمل الكبير كان نتاج برامج عمل متشعبة ومتواصلة خصصت لها ميزانيات ضخمة.
كانت فكرة النظرية الاجتماعية التي تمثل الخلفية الفلسفية لهذه البرامج العملية التطبيقية التي اعتمدت عليها الصهيونية تنطلق من خلاصة مجموعة نظريات اجتماعية متقاربة في فهمها لأسس نشوء العلاقات الاجتماعية، هذه النظريات لمجموعة علماء اجتماع مثل ( دارون في نظريته المعروفة بنظرية التطور والتي تبحث في أصل الإنسان، ونظرية فرويد الشهيرة بالنظرية الجنسية وهو يهودي ونظرية ماركس المادية وهو يهودي أيضا وكذلك نظرية العالم اليهودي المتأخر عن زمن هولاء أميل دوركايم التي تكسر عنوة أسس التربية الإنسانية) فقد نّظر كل من هولاء لمجموعة فرضيات مبنية على ممارسات بدائية لإنسان العوز وهو في أسفل سلم الرقي الحضاري وكان كل منهم ضحية وضع اجتماعي شاذ، فاسط فت لديه الاعتقادات بهذه الفرضيات لتكون الاستراتيجيات النظرية منها. وبهذه البرامج التجسيدية حققت الصهيونية انتصارات كبيرة في عالم الخنوع والدكتاتورية.
تلتقي هذه النظريات في الهدف وهو إفساد عالم الإنسان فينقطع نظام عالم الإنسانية ثم فساد جميع العوالم للانحراف في تأويل أصل الدوافع لتكوين العلاقات والروابط الأسرية التي تنتج عنها طبيعياً عملية بناء المجتمعات، حيث نفى هؤلاء تأثير الأخلاق في توجيه حركة الإنسان وبالتالي نفي منشأ الأخلاق واعتقدوا بدور أكبر للغريزة في توجيه السلوكية ووجوب إشباع الغريزة الحيوانية غير المنضبطة كونها المحرك والدافع وراء تصرفات وعلاقات الإنسان وتقاربه وعدوانيته، فلا شخصية مركبة للإنسان مادية ومعنوية تنطوي على مفاهيم الأخلاق والقيم من الشرف والنبل والتعاطف والتعاضد والتي تؤكد بأن الإنسان اجتماعي بالطبع، كما توحدوا هولاء في تأويل وتسخيف الأحاسيس التي تنظم سلوكية الإنسان وتدفع به الى الاعتزاز بشخصية اجتماعية.
وقد أرجعوا هذه المصطلحات في منظومة الأخلاق الى الحوائج الدنيوية التي يجب إشباعها، أذن وبمقابل خسة الوسيلة لتحقيق الهدف المنكر تحصل أفساد العلاقات التي تبنى بها الأسرة ثم المجتمع وأخيرا المجتمعات والحضارات فلا عهد ولا موثق للأخر في ثقافة إنسان الصهيونية والعولمة ، ولتكون السيطرة للقوة المادية وشبع الحاجة الحيوانية. استطاعت الصهيونية الحصول على الغطاء الدولي لهذا التوجه، من خلال إصدار قرارات وتوقيع اتفاقات دولية من الأمم المتحدة بحجة حرية الإنسان، وحرية المرأة وامتلاكها جسدها مما مهد الطريق الى قوانين حرية زواج المثل وغيرها من القوانين التي تقتل الإنسانية، وقد سخرت صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتمويل مشاريع الأمم المتحدة التي تبنت تجسيد هذه النظريات في المجتمعات والدول النامية تحت شعارات ودعايات مختلفة منها حرية المرأة للدور الضخم الذي تؤثر به المرأة في المجتمع إيجابا إذا كانت صالحة وسلبا إذا فسدت المرأة . وقد شكل هذا انتصار للحرب القذرة للحركة الصهيونية وأعطى نتائج في المجتمعات العربية و الأفريقية التي تشيع فيها السلوكيات المنحرفة والتي تعوزها الحصانة العقائدية والمناعة الأخلاقية..
https://telegram.me/buratha