نور الحربي
مع مرور الذكرى لسقوط اعتى ديكتاتوريات العصر الحديث في التاسع من نيسان العام 2003 والكل يتحدث عن مشروع الدولة والعملية السياسية التي بذل العراقيون من اجلها الغالي والنفيس وقدموا التضحيات الجسام في سبيل ان تمضي الى بر الامان كما قدموا قبل ذلك خيرة الشباب والقادة العظام من مراجع الدين ورجالات الحركة الوطنية ولعل انطلاق نداء الشهيد السعيد اية الله العظمى الشهيد الصدر قدس سره لمجابهة هذه الديكتاتورية الكافرة واحاطته بمخططاتها واحلامها المريضة بمسخ الهوية الاسلامية للشعب العراقي كانت الدافع وراء فتاواه بضرورة مقاومة ومجاهدة زمرة البعثيين التي وصلت الى السلطة بمساعدة قوى الاستكبار لخلق التوازن في المنطقة ومنع الاغلبية الشيعية من ممارسة دورهم بوصفهم نواة التحول في المنطقة التي كان يحرك خيوطها حكام الانظمة العربية والذين يرون في تعاظم شان المرجعيات الشيعية والتفاف الجماهير حولها خطرا يتهدد امن الكيان الصهيوني المسخ فهم لايريدون تجربة الامام موسى الصدر والامام الخميني في العراق لذلك عمدوا الى تهيئة الاجواء لتصفية الشهيد الصدر ومناصريه وتلامذته ولو تهيئته رضوان الله عليه الامور وحسابه الاخطار وخشيته من تشرذم الامة وضياع هويتها فكان قراره بتعيين قيادة نائبة سماها بنفسه تكمل الدرب وتواصل المقاومة ومجابهة النظام العفلقي الملحد وتاخذ على عاتقها تنظيم الصفوف واعادة الثقة لهذا لشعب المنكوب المبتلى بفقدان القيادة والموجه هذا القرار والمشروع الذي انكره عليه بعض الطامحين والمناوئين اثبت فاعليته بوجود شخصية كشهيد المحراب اية الله السيد محمد باقر الحكيم قدس سره لها نفس الفكر والامتداد والتي مثلت بحركيتها وفاعليتها وبعدها العلمي والاسري مرتكزا مهما من مرتكزات الجهاد والتنظيم المعارض للنظام وهو ما دفع صدام للانتقام منه ظنا منه ان ذلك سيثنيه عن مواصلة الطريق نحو الحرية واستعادة الحقوق الضائعة المنتهبة على يد حكومة اللقطاء من ازلام البعث المجرم . ان تزامن سقوط نظام البعث مع ذكرى استشهاد الامام الصدر قدس سره لم يكن محض صدفة ولم يكن قطعا انتهاء مرحلة وبداية اخرى بل انه ذلك الوعد الالهي الذي يحدثنا عنه في كتابه العزيز بان الوراثة للصالحين وان طال الزمن واشتدت الخطوب وتكاثرت المحن وبمقتضى عدله سبحانه وتعالى فانه يري الظلمة والمتجبرين انتقامه منهم لاستهتارهم بكل شيء من حرث ونسل وافسادهم في الارض فالجمع بين الشهيد الامام الصدر قدس سره رمز الشهادة والاستقامة والطهر والنقاء وحب الناس وبين نموذج منحط منحرف كصدام الذي حمل النقيض في كل شيء انما جاء لتأكيد المقارنة وبيان حقيقة كل فريق فالشعارات الكاذبة والبطولات الكارتونية اختفت في لحظات وانتهت بصاحبها المدعي للبطولة والشجاعة في حفرة نتنة هي مقامه الحقيقي ونهايته التي اراد الله ان يخلدها بهذا الشكل المهين بالتزامن مع نهاية مشرفة للشهيد الامام الصدر قدس سره الذي اعلن استعداده للشهادة بثقة المنتصر الواثق من نصر الله ورضاه عن هذه التضحية التي كانت من رضا الله ومنه عليه بها فهو رضوان الله عليه كان امام اختبار صعب اختاره فتصميمه على المضي قدما في مواجهة النظام واعلانه الاستعداد للتضحية كانت رسالة لابناء الامة والفات نظر قسري لمن تهاون في الدفاع عن حقوقه ودينه ومقدساته لذلك استحق كل هذا الخلود الذي يعبر عنه شهيد المحراب بانه مفتاح الانتصار وقهر الظلم مهما تجبر وتفرعن ,بعد كل ذلك هل نسمي ما تحقق مكسبا او خسارة واعتقد انه ومن سار على نهجه ادى ادوا الامانة وارضوا ربهم وابناء امتهم ووطنهم فالحق يحتاج من يدافع عنه بكل الوسائل وان كان بعضها يمثل خسارة لمن يستنير بهديهم لكنه في الحقيقة مكسب مهم لايمكن التغاضي عنه فلولا التضحية لما احسسنا بحجم الظلم الذي تعرضنا له وهنا كمال الحقيقة ولونها البهي . اننا بعد عشر سنوات على سقوط النظام ونحن على اعتاب عملية انتخابية مهمة في تاريخ العراق المعاصر مرحلة يراد بها ان تكون مرحلة استغلال السلطة لحرمان الاخرين من الوصول اليها دون وجه حق باستغلالها ابشع استغلال وايصال بعض الفاسدين والنفعيين ومن لايفقهون شيئا بهموم ومعاناة المواطن الى مواقع المسؤولية وهذا باعتقادي خيانة عظمى لتضحية الشهيد الامام الصدر وجميع الشهداء الذين ضحوا من اجل ان يروا في العراق حكومة تحقق العدالة الاجتماعية وتعامل جميع العراقيين على قدم المساواة وتنصفهم من نفسها وتوزع ثرواتهم الهائلة بشكل مدروس ولاتهضم حق احد فمبدأ القرب من الساسة والبعد عنهم ليس المقياس بقدر ما تكون المواطنة والانتماء للوطن هي المقياس الاحق الذي قاتل وناضل واستشهد من اجله هولاء ولاننا نريد لكل ذلك ان يتحقق وتزول معادلات الظلم التي يؤسس لها اليوم تحت يافطة نحن المضحين وكأن غيرهم لم يضحي وكأن مؤسسات الدولة ملك عضوض لا يجوز لغيرهم الاقتراب منه لذلك لابد من اختيارات صحيحة توصل الحريص الكفوء المخلص صاحب المبادىء الحقة والورع عن المال العام والكسب الحرام الى سدة السلطة فبهذا يمكن ان نكون اوفياء وهو عين ما توصينا به مرجعيتنا التي ومؤسستنا الحوزوية العريقة التي خرجت الآلاف من الشهداء والمضحين وليس اخرهم قطعا شهيدنا العظيم الامام الصدر ورفاقه واخوته ممن امنوا بفكره حقا وحملوا الامانة ووصلوا بفعل انتسابهم لمدرسته الى اعلى الدرجات فهنيئا لمن تحسس هموم الشعب وعاش الامه وشعر بمعاناته وعمل لخلاصه من كل ما ينغص عليه حياته ونظر بعين المستبشر بان العمل وحده والاجتهاد في خدمة الناس هو السبيل الوحيد لبناء عراق ينعم فيه الجميع بالرفاهية والحرية والعدالة والاستقلال .
https://telegram.me/buratha