المقالات

تمن ومرق...! بقلم: نجم الشيخ داغر

1312 21:34:00 2013-04-07

لم أتوقع حينما طلب مني أن اخبره بالاسم الظاهر على شاشة هاتفه المحمول، أنه لا يستطيع القراءة!! شاب في العشرينيات من عمره، أقرانه يتلذذون بنعمة العلم في كلياتهم، قلت له هل تشكو من قصر نظر أو شيء من هذا القبيل، رد مستغربا، لماذا..فقلت لأنك طلبت مني أن أقرأ لك الاسم الظاهر على شاشة هاتفك، فضحك مني قائلا: لا أستاذ آني (تمن ومرق)!. فزاد طينتي بلة، ما الذي جاء بالتمن والمرق الآن وأنا أسألك عن القراءة، فقال أستاذي، نحن نطلق على من لا يعرف القراءة والكتابة أنه تمن ومرق. استفهمت منه عن السبب في هذه التسمية فلم يحر جوابا. فرحت أحاول فلسفة هذا المصطلح وأنا المعروف بحبي للفلسفة، فشمرت عن ساعدي وجلست جلسة الفيلسوف. وهي للذي لا يعرفها عبارة عن قطع الكلام أمام سفرة الطعام، والشروع بالأكل والتأمل وعدم رد السلام، (لأن الزاد ما عليه سلام). بعد طول تفكير وعدد قليل من اللقيمات، وضعت الاحتمال الأول، القاضي بأن السبب في التسمية أن المرق يمثل المداد والتمن يمثل الورق، ولأن شباب اليوم يأكلون بالملعقة ولا يباشرون الطعام بأصابعهم، لذلك فهم أميون حسب قانون أجدادنا لا سيما المعازيب منهم. الثاني، حينما يختلط التمن مع المرق ينشأ شيء أشبه بالفوضى والعبثية، فلذلك سمي هؤلاء بهذه التسمية لما يشعرون به من فوضى وعبثية وهم يراجعون الدوائر الرسمية أو المستشفيات، حيث يظلون يدورون ويدورون في الممرات، ويتيهون كما تاه بني إسرائيل، إلى أن يأتيهم منقذ ما ويدلهم على المراد. الثالث، أن كلمة (التمن) مشتقة من التمني، و(المرق) من المروق، وهو الذهاب أو الخروج عن الشيء، ويكون المعنى أن هؤلاء يتمنون أنهم لم يمرقوا من المدرسة ولم يخرجوا عن طاعة آبائهم وأمهاتهم ومدرسيهم الذين أرادوا لهم التعلم والنجاح. هذه معان ثلاث خلصت إليها حينما خلصت اللقم، واكتفيت بهن من فلسفتي التأملية، بيد أني لم أكد أفرح باكتشافي الخطير وفتحي الكبير، حتى صدمت وأي صدمة، عندما اكتشفت أن أكثر العراقيين (تمن ومرق)، ليس بما يخص القراءة والكتابة، إنما بمختلف شؤون حياتهم وما يجري ويحاك في كواليسهم. والدليل على ذلك أني طبقت اكتشافي الخطير على ناسي وأهل بيئتي وهم الأغلبية من العراقيين، وظهر أننا لم نباشر شيء في هذه الدولة غير الحبر البنفسجي،(الفاهي)، ووجدت أننا في تيه كتيه بني إسرائيل ولا زلنا ندور وندور منذ عشرة سنين بحثا عن المخرج وسط هذا الكم الهائل من الفوضى، وبين هذا وذاك نقضي العمر(بالتمني) ومحاولة (المروق) من بين فكي الفقر والقتل، والله الستار.     طبعا هذا لا يعني أنني ضد الإنتخابات أو انتخاب الأصلح..بيد اني اقول ما يدور بخلدي ومتفكرا بصوت عال لعلي أجد الجواب في ترددات أصدائي. وأخيرا نتساءل من يقوم بقتلنا وتفجيرنا، الجواب تمن ومرق، من يسرق أموالنا، ولم لم يتم القبض عليهم، الجواب تمن ومرق، من المسؤول عن تعطيل الحكومة وتنفيذ القرارات التي تمس حياة المواطن بالصميم، كذلك تمن ومرق. كيف يهرب المجرمون من السجون ومن المسؤول عن تهريبهم، نفس الجواب، إلى أين تسير الدولة وما الذي ينتظرنا في المستقبل، الجواب نفسه. وأخيرا أيضا من المسؤول عن التمن والمرق الذي يعصف بحياتنا ويكتنفنا من جميع الجوانب، ما الذي يلجمنا عن الكلام، ما الذي يمنعنا من القيام، يبدو أنه التمن والمرق الذي ملأ أجوافنا وارتفعت به كروشنا. أعتقد أنني سألجأ مرة أخرى لفلسفتي التأملية بحثا عن جواب، يا أهل الدار مدوا خوان الطعام، واسكتوا عن الكلام، ولا تسمحوا لأحد أن يتوجه لي بالسلام ، لأن الزاد ليس عليه سلام.  

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك