المقالات

كان حلم وتلاشى...!!

372 09:02:00 2013-04-10

حمودي جمال الدين

لم يكن يوم 9-4 وليد ألصدفه التي دفعت بموجبها العالم للتحالف من اجل إسقاط النظام ألصدامي وإنما جاء نتيجة للتراكمات الهائلة والسياسات الحمقاء التي انتهجتها القيادة الحاكمة في العراق سواء مع شعبها وما ألحقته به من الام ومحن أو مع جيرانها من غزوات وحروب كوارثيه قتلت الحرث والنسل وأمام أنظار العالم وسمعه.فضلا عما لعبته بعض من فصائل المعارضة العراقية في الخارج والتي كانت تعول بالدرجة الرئيسية على العامل الخارجي لإسقاط النظام العراقي حيث كان لها الدور البارز والمؤجج والمحفز لتلك الدول وذلك من خلال تصويرها صدقا أو فبركة مدى جسامة وضخامة الخطورة التي يمتلكها هذا النظام على شعبه أو على استقرار النظام العالمي وأمنه مما أدى إلى تفاقم حدة التوتر وتشنج العلاقات وتأزمها بين النظام ألصدامي ومجمل المنظومة الدولية والاقليميه . وكان من أولى بوادر هذه العلاقات المتشنجة والسيئة بين النظام والعالم ذلك الانحياز والتعاطف الدولي الكامل مع المعارضة العراقية والتي أفرزت نتائجها بإصدار قانون تحرير العراق الذي شرعه الكونكرس الاميريكي في سنة 998 والذي أضحى ملزما للاداره الامريكيه بالتعامل والتعاون مع المعارضة العراقية في الخارج لإسقاط النظام, وذلك من خلال توطيد العلاقات وتواصلها مع سبع فصائل حزبيه منتقاة من قبل الاداره الامريكيه, رغم ممانعة ومقاطعة البعض الأخر من بقية الأحزاب العراقية المعارضة ,والتي صبت جام استنكارها وغضبها على تلك الفصائل التي اختارت هذا النهج والمسار في التعويل على العامل الخارجي بإسقاط النظام ألصدامي .والتي نراها اليوم تتصدر المشهد السياسي العراقي في ألدوله والسلطة الجديدة بعد ان استثمرت الفوز الذي حققته الأحزاب ألذيليه والعميلة كما كانت تسميها سابقا .ولولا جهود وتضافر العالم وتحالفاته لما استطاعت المعارضة العراقية بكل فصائلها وقضها وقضيضيها ان تزحزح النظام قيد انمله عن قوته وتمركزه وهيلمانه ولو بقيت تناضل بكل ماعرفت به من خمول وتشتت وكسل ولبقى الشعب العراقي يرزح تحت نير الظلم والقهر والاضطهاد من قبل نظام قاسي لايعرف الرحمة والشفقه. فيوم 9-4 جاء إنقاذ للشعب العراقي من محنته ومعاناته المستعصية التي جثمت على صدره بثقلها وجبروتها وتسلطها ولازمته سنينا طوال وكانت جل تطلعاته وطموحاته شاخصة منتظرة يوم الخلاص الموعود الذي دغدغ أحلامه وأمانيه بفارغ الصبر, لأنه يحمل إليه بشائر الخير و التحرر والانعتاق, وكسر الجمود والخوف, وبناء عراق آمن ومستقر, واقتصاد متين, ونسيج اجتماعي متكاتف تؤطره العلاقات والوثائق الاخوييه بين جميع أطياف الشعب, واختيار نظام ديمقراطي متوازن تسود فيه العدالة ويطبق القانون على الجميع, وتحترم فيه مكانة الإنسان وأمنياته في الحياة والوجود .نعم استطاع العراق ومنذ التحرير, إن يضع إقدامه على أسس وأركان بناء ألدوله من خلال العملية السياسية التي انتهجها واختارها طريقا لبناء ألدوله والسلطة, ووضع لها كل المستلزمات والشروط النظرية لهذا البناء, ومارس الشعب العراقي تجاربه ولثلاث مرات باختيار من يمثله في البرلمان والسلطة ,وكانت صناديق الاقتراع هي الفيصل الذي حددت على ضوئه هيكلية النظام ومؤسساته وإعداده ورموزه القيادية .لكن كل هذه الممارسات لم تهتدي أو تسترشد بما خط له واتفق عليه عند وضع اللبنات الأولى في هرم العملية السياسية الوليدة ,وإنما انحرفت بمسار تطبيقي مغاير تماما للمفهوم النظري, حين اعتمدت في التطبيق على المحاصصه الطائفية المذهبية والعرقية والمحاصصه السياسية في الانتخاب والتمثيل لمكونات هذا الشعب, وأهملت الجانب الأهم في المعاير الاساسيه للبناء الديمقراطي الذي يستند على معيار المواطنة والكفاءة والخبرة والنزاهة والسمعة والتاريخ النظيف مما نتج عن هذه الممارسات التطبيقية الخاطئة صعود الكثير من الرموز الهزيلة والخائبة ومن الانتهازيين والطفيليين ومن أركان النظام البائد الذين لاهم لهم إلا مصالحهم ومنافعهم الشخصية ومنافع أحزابهم ومنتسبيهم ولم يكن الوطن وبناء الإنسان وتقدمه في منظورها مطلقا لهذا ظل العراق وشعبه على ماهو عليه بعد كل هذه السنوات من تحريره من نظامه المقبور .ومن الخطوات التي وضعتها هذه العملية السياسية وصوت عليها الشعب هو الدستور الدائم والذي ذكر في مادته الأولى ( إن جمهورية العراق دولة مستقلة ذات سيادة ونظام الحكم فيها جمهوري نيابي ديمقراطي اتحادي).لكن هذا نص فضفاض, لكونه ترك العنان للساسة المتولين زمام الأمور في ألدوله العراقية الجديدة, لتحديد نوع ألدوله على هواهم وأمزجتهم وانتماءاتهم العقائدية والفكرية فكان له الأثر الكبير على المستوى التطبيقي للدولة مما أدى إلى هذا التخبط والإرباك والازدواجية, فلم يهتدي المتتبع للشأن العراقي السياسي إلى نوع وجنس وماهية هذه ألدوله.فهل هي دولة مدنيه عصريه ؟؟أم هي دولة دينيه ؟؟أم هي دولة عشائرية قبليه كما هو الحاصل اليوم؟؟أم ترى هي دولة دكتاتورية شموليه ؟؟

فضلا عن ان دستورنا الحالي وبسلامة مشرعيه ومنفذيه الأوفياء,أفرغوه من كل محتواه ومواده وإحكامه وتركوه عبارة عن وثيقة جامدة خاوية لا يرجعوا اليها إلا حينما تتأزم أوضاعهم وتتضارب مصالحهم وامتيازاتهم الفئوية, عندها تعلوا صيحاتهم وخطبهم المتنطععه بالرجوع إلى الدستور, فهوا الحكم في حل النزاعات والإشكالات , والكل يعمل من خارج الدستور ويقفز على بنوده ومواده ويفسر إحكامه على ما يتماشى مع مصالحه ومقتضيات حزبه وكتلته ويرمي الآخرين بالاتهامات في عرقلة المسيرة السياسية والخروج عن الدستور.إما البرلمان العراقي فهو الحلقة الأضعف في مؤسسات ألدوله العراقية ألحديثه, ويكاد يكون مشلولا وميت سريرا في نبضاته في الاونه الاخيره .فكل برلمانات العالم لها ألقدره والقوه والكفاءة في إثبات وجودها وكينونتها وفرض إرادتها في التشريع والرقابة والمتابعة للقرارات والقوانين التي تصدرها, واستدعاء ومحاسبة المقصرين والمتلكئين والمفسدين في التطبيق والتنفيذ لكل ما يوكل لهم .فأين هو برلماننا وأين صوته ووجوده؟؟وأين هي قراراته وتوصياته ورقابته ؟؟لا شيء يذكر من ذلك, فلا نسمع منه سوى العراك والمهاترات بين شخوصه ومكوناته ولا وجود للسادة البرلمانيون إلا من خلال ظهورهم على الإعلام والفضائيات بتصاريحهم السمان الخالية من كل معنى وتأثير ,والتي لا تتناسب مع رواتبهم وامتيازاتهم الهائلة ومواكب حمايتهم ونعيق أبواقها في قطع الطرق والتقاطعات .وإلا بماذا يفسر غياب البرلمان وركونه نحو الانزواء والاكتفاء بالتفرج, والبلد في اعتي مراحل احتراقه وغليانه لا تفصله إلا النذر اليسير عن شفى حرب أهليه طاحنه تحرق الأخضر واليابس وتقوض كل محاولات العراقيون وأمانيهم في التطلع إلى بناء عراق ديمقراطي موحد تمتزج تحت ظلاله جميع أطيافه المزركشة بعيدا عن الطائفية والعنصرية وإمراضهما الخبيثة .ولا أتجنى على القضاء العراقي عندما أقول انه مسيس وتحت سيطرة الساسة والمسؤلين الكبار في ألدوله, وإلا لما وصل هذا التفشي في الفساد والرشوة والسرقات والتلاعب بالمال العام إلى هذا المستوى من الحضيض , لو كان عندنا قضاء نزيه قويا عادلا يحترم سلطته ويعطي لقوانينه إلزامية التطبيق والنفاذ ويروج جميع الملفات القضائية التي يحتكم فيها إليه والتي تقرر مصير البلد ويقوّم حسن سلوك موظفيه ومسئوليه بغض النظر عن مستوياتهم ومناصبهم ومراكزهم الوظيفية, لا ان يكون تابعا وذيلا على من يسخره ويهتدي بأوامره وإرشاداته من الساسة والحكام.إلا ان المتتبع لاحكامنا وقضائنا يتلمس وبدون عناء اختلاط المعاير والتعامل بمكاييل مختلفة ومتفاوتة بين القضايا والملفات التي تطرح إمام القضاء للبت فيها ,والتي يضيع فيها العدل والمساواة بين الناس استنادا إلى ما تمليه رغبة الحكام والساسة لا إلى قناعة وإيمان صاحب القرار, وهذا عين التعسف والظلم الذي يلحق الناس كونهم لم يكونوا امام قضاء عادل يعطي لكل حق حقه.ولنا في ذلك شواهد لا تحصى نقتفيها من خلال مسيرتنا للسنوات المنصرمة, وخير دليل على ان الساسة والمتنفذين لا يحبذون استقلالية القضاء وابتعاده عن سطوتهم ونفوذهم .هذا التعمد في عدم التصويت في مجلس النواب على قانون المحكمة الاتحادية التي كفل الدستور استقلاليتها وأوصى بتشريع قانون يتبنى خصوصيتها ونظامها, إلا ان الساسة والأحزاب الحاكمة لا يروق لهم ذلك كي تبقى هذه المحكمة رهينة تدور في فلك وأهواء الأحزاب الحاكمة وسطوتها, فضلا عن الطعن الذي رفعته هذه الأحزاب على قانون القضاء العراقي الذي اكتسب الدرجة القطعية بالتصويت في مجلس النواب في الأشهر الماضية .ولو سألنا هل من وجود لحكومتنا العتيدة امام هذا الخضم المتلاطم من الأزمات والاصطراعات التي تتفجر بين الفينه والأخرى فلا تنتهي ارمه إلا وتلد بداخلها أخرى.وبالتالي هي حكومة أزمات وليس حكومة مستقره فاعله تؤدي دورها الموكول إليها بكل سلاسة ويسر لتنهي دورتها الانتخابية بعزة وكرامة وشرف لما قدمته من خدمات ومنافع لشعبها وما تركته من أعمار وبناء ومرافق وبنى تحتية ولما لمسه مواطنوها من امن واستقرار على حياتهم وبيوتهم وعيالهم, ولعدم إحساس موطنوها بالغبن والتهميش والإقصاء وتفضيل أحزابها وأقربائها ومن يلوذ بهم من المحسوبين والأعوان ومن الانتهازيين والوصوليين الذين ركبوا الموجه وأداروا عنانها لإشباع نزواتهم ونوازعهم الشخصيةفهؤلاء هم مثيرو الفتن ومفتعلي الأزمات ومشعلي الحرائق حيث يتوارون خلف دخانها لتبيح لهم بسترها الفساد والنهب والسرقة لملئ الجيوب والارصده من السحت الحرام.ولن يحدث أي تغير بالواقع السياسي الثقافي والاقتصادي او الاجتماعي العراقي طالما ظلت هذه النخب والأحزاب تتبادل الأدوار فيما بينها بفعل ما تمتلكه من مستلزمات القوه والمال والسلطة فلن تفسح المجال لأي حزب أو تيار وشخوص كفئوه ومتميزة بقيادة المسيرة العراقية المستقبلية لكون مقياس المنافسة الديمقراطية ألحقه معدوما ومضمحلا فكل مقوماته بيد الأحزاب المتنفذه والحاكمة . ولكن يبقى للعراقيين الأمل الذي لاينقطع في بناء ألدوله المدنية العصرية ,ألقائمه على الأسس الوطنية ,وليس على البناء الهش الخاطئ, الذي ركز على نظام المحاصصه في اعتماد ألطائفه أو العرق أو الانحدار الحزبي والعائلي, والتي جرها الساسة الجدد بتعنصرهم المقرف إلى أضيق الحلقات من داخل العشيرة أو المذهب .فالانتماء للوطن اسما من أي انتماء أخر ,عندما يُتّخذ ميزانا ومعيارا للتقييم, فيعطي المواطن حقوقه في العدالة والمساواة كما يضفي عليه واجبات ومسؤوليات تجاه وطنه وشعبه.  

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك