القاضي منير حداد
تحل علينا هذه الايام، ذكرى تأسيس حزب البعث، الفظيعة.. يوم 7 نيسان 1947، الذي جر على العراق ويلات لن تمحي آثارها بسهولة، انما غرس نوعا من معضلات تتناسل في حياتنا، مثل خلايا سرطانية متجددة الانشطارات.قدم رئيس الوزراء نوري المالكي، تهنئة تبارك تصفية العالق بينه شخصيا، وحزب البعث، من خلال اعادة الاعتبار للبعثيين، مانحا اياهم رواتب تقاعدية تفوق مستحقات السجناء السياسيين، والشهداء الذين قضوا في معتقلات البعث، وبذلك يتنكر المالكي لدماء الشهداء الذين ارتقت ارواحهم من نتانة الجرب الذي يزكم معتقلات امن صدام، الى الجنة، على ايدي بعثية حرموهم لذة الحياة:"شبانا تريد الهوى وصدام ما خلاها".وفي الوقت الذي يصرف المالكي تقاعدا لقتلة الشعب العراقي، مقدما تنازلا عن حق لا صلاحية اخلاقيا له بالتنازل عنه، ولا الدستور يخوله هذا التنازل، يحجب عني راتبي التقاعدي.. انا القاضي الذي اعدم صدام، في ليلة، لو اشرق صباحها؛ لكان صدام طليقا الان... التهدئة جزء من اشتراطات الحكم الرشيد، لكن ثمة خيط داخلي في جوهر الاحداث، يميز بين الحكمة والجبن، وبين الشجاعة والتهور، لذا تلك التهدئة، تعد تنازلا، يهدر دم الشهداء ويفرط بذكراهم.قبل ان يتوجه رئيس الوزراء، لحسم ملف (البعث) هل فرغ من الملفات العالقة، بشأن الخدمات والامن والسكن، وهي المفروض اولى اولويات عمل الحكومة الديمقراطية المنبثقة من رماد الحكومة الديكتاتورية الآفلة.. كالعنقاء.ماذا قدمت حكومة المالكي للشعب، قبل ان تتجه لسواه.. للطرف الآخر.. لـ... قتلته.لسنا ضد تهدئة الامور، ولا نمنع العفو عما سلف، لكننا ضد التفريط بحق المظلومين، ضد ترضية الزعلانين لأننا تحررنا من نيرهم.بهذه الخطوة، يعيد المالكي الشعب الى كفن البعث، الذي شقه خارجا للحياة؛ فالبعثية غير نادمين على ما فرط من جورهم على العراقيين ولم يأسفوا او يعيدوا النظر بموقفهم، فعلامَ اعادهم المالكي الى حظيرة العراق، فردا لوحده، من دون الرجوع الى الاستئناس برأي الثكالى من امهات الشهداء الذين عرق الثرى عظامهم في المقابر الجماعية.اقدم المالكي على تقديم تقاعد مجز لما فعله البعثيون بالعراقيين.. ظلما، تهنئة للبعث في عيد تأسيسه، تلك المناسبة التي ما زالت ترعب الشعب العراقي، وتصدر له الارهاب، حتى بعد سقوط الطاغية المقبور صدام حسين.التاسع من نيسان مناسبة ثلاثية الابعاد، في ذاكرة الزمن؛ اذ تاسس فيها البعث، عام 1947 واعدم الامام محمد باقر الصدر (قدس سره) من قبل صدام في العام 1980 وسقط فيها صنم الطاغية العام 2003.. انه تاريخ معجزة؛ يقول شهود، ان الصدر توعد صدام حسين بالقول: "تذكر هذا اليوم 9 نيسان؛ لأن الله يمهل ولا يهمل".جل ما نخشاه، من تخبطات المالكي، ان ينتهي بفعلته هذه الى ما انتهى اليه صدام، جاراً العراق كله الى الهاوية، معه، في سقوط حاد التسارع.
https://telegram.me/buratha