خضير العواد
عندما نتصفح كتب التاريخ نلاحظ من الفئات القليلة جداً بل هي الوحيدة في العالم عندما وصلت الى مراكز القوة والقرار يكون العفو ديدنها والتسامح فعلها ، وكان قدوتها في هذا السلوك الهدي المحمدي الأصيل التي لم تتركه ولو للحظة ، فكانت مقولة رسول الله (ص) المدوية في يوم الفتح لعتاة قريش وقادتها وفي مقدمتهم ابو سفيان وأبنه معاوية أذهبوا فأنتم الطلقاء ، ومقولة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بعد إنتصاره في معركة الجمل لعائشة (والله ما أنصفك الذين أخرجوك من بيتك إذ صانوا حلائلهم وأبرزوك) ، وعندما زارها ليودعها قبل عودتها الى المدينة قالت له ومعها مجموعة من النساء يا قاتل الأحبة فكان الجواب مسرعاً من ربيب الإيمان لو كنت قاتل الأحبة لقتلت من في البيت وكان في البيت مروان وعبد الله بن الزبير ، وحينما قطع معاوية الماء على جيش الإمام علي (ع) في معركة صفين لم ينتقم هذا الإمام (ع) من معاوية وجيشه عندما سيطرة هو على الفرات بل ترك لهم المشرعة ليأخذوا ما يحتاجونه من الماء بالرغم من إعتراض بعض أصحابه عليه ، ومعاملة الإمام الحسين عليه السلام لاصحاب الحر في الطريق الى كربلاء وكيف سقاهم الماء وأراح خيولهم ، وكيف حمى الإمام زين العابدين عوائل بني أمية وفي مقدمتهم عائلة مروان بن الحكم عندما ثار أهل المدينة على حكم يزيد ومن ثم حدثت واقعة الحرة ، وغيرها من الأخلاق النبيلة التي عامل بها رسول الله (ص) والأئمة الأطهار من بعده أعدائهم وخصومهم وقد أقتدى الشيعة بهم صلوات الله عليهم أجمعين ، فلم يسجل التاريخ أي حالة للإنتقام من أعدائهم بالرغم من الظلم الذي يعانون منه والتهميش الذي يعيشوه ، وفي هذا العصر الحديث الذي نعيش أيامه وأحداثه نلاحظ الثورة الإيرانية التي أنتصرت بعد تضحيات ومعانات كبيرة ولكنها لم تنتقم من أعداءها ، الشيعة في العراق عندما وصلوا للحكم فلم ينتقموا من أعدائهم الذين سقوهم مرارت الجور والظلم لمئات السنين بل قابلوهم بالعفو والإحسان والإخوة الإسلامية ، وهذا حزب الله في لبنان الذي أصبح القوة القاهرة لأكبر قوة في الشرق الأوسط وهي إسرائيل وبإمكانه أن يسيطر على لبنان خلال ساعات قليلة ويعامل أعداءه كيف يشاء ولكنه أبى إلا أن يقتدي بطريق أهل البيت عليهم السلام ، وغيرها من التجارب الفريدة التي يمتاز بها شيعة أهل البيت عليهم السلام عمن سواهم من الفئات الأخرى التي يمتلئ تاريخها بالإنتقام البشع الذي يهز ضمير كل إنسان حر، وقد رافق هذا الخلق الجميل وفرة الأدلة العقلية وكثرت العلوم الدينية والدنيوية وغزارة الفنون بجميع أصنافها وأقسامها التي يمتازون بها في كل معاملاتهم اليومية والتي يتميزون بها عن الأخرين ، وقد حفظ لنا التاريخ الكثير من العلماء والشعراء والأدباء الذين نقشوا إبداعاتهم بدمائهم في سجلات الحضارة الإنسانية حتى أصبح أغلب علماء الأمة وقائدي نهضتها من أتباع أهل البيت عليهم السلام ، والذي يريد تقصي الحقيقة فاليتوجه لكتب التاريخ وينظر بإنصاف سيلاحظ قمم العلماء والشعراء من الشيعة الموالين لأمير العلم والعلماء علي بن ابي طالب عليه السلام ، وبسبب هذا الكم الهائل من العلوم والتجارب الإنسانية والبقاء في المعارضة لمئات السنين ولّدت عندهم قوة دليل وحجة علمية لايمتلكها الأخرون بل حتى في قمة حكمهم وقوتهم ونفوذهم وسلطانهم كان كرسي الكلام بيد علماء الشيعة ، لغزارة علومهم وسرعة بديهيتهم وقوة ححجهم مما جعلهم يسيطرون على هذا الكرسي لمئات السنين ، لقد عَلِم الأخرون بهذا التقدم الذي يمتاز به الشيعة لهذا حاولوا أن يبعدوا عامة الناس عن الإقتراب منهم والتحدث إليهم وقراءة كتبهم ، لهذا نلاحظ عامة الناس عندما تسأله عن الشيعة هل تعرفهم جوابه يقول يقال عنهم كذا وكذا فلم يتحرى بنفسه من خلال الإختلاط أو القراءة حتى جعل علماء السوء شرخ كبير ما بين الشيعة وبقية ابناء العامة ، ولكن التقدم العلمي الذي نتج عنه سرعة الإتصالات ونقل المعلومات والفضائيات قد جعل الأخرين عاجزين من أبعاد أبناء العامة عن التعرف على الشيعة وأخلاقهم من خلال الأنترنيت أو الفضائيات ، فأصبحت علوم وأخلاق آل البيت عليهم السلام تدخل في كل بيت إذا أشاء صاحبه ، وقد أطلعت الأمة على قوة الدليل الذي يقدمه الموالين لأهل البيت عليهم السلام وفشل علماءها في مجارات هذه الأدلة ، بالإضافة الى تمسك الموالين لأهل البيت عليهم السلام بثوابت الأمة والدفاع عنها فكانت المقاومة الأسلامية المتمثلة بحزب الله التي قهرت الجيش الذي هزم جميع الجيوش العربية والتي يقودها أبناء السنة ، وحتى حماس والجهاد الإسلامي ما هما إلا ثمرة من ثمار الفكر الثوري الحسيني الذي سقاها وغذاها الدعم الشيعي من خلال إيران وحزب الله بالإضافة الى سوريا ، وأما التقدم العلمي الذي تعيشه إيران والذي قد ابهر جميع البشرية وهي التي لا تمتلك ما يمتلكه قادة العرب من أهل السنة من إمكانيات ، فأيران تواجه أكبر القوى بالعالم وتفاوضهم كقوة كبيرة على تقدمها النووي والتكنلوجي والعرب ينفذون أوامر هذه القوى كعبيد ، حتى أصبح المواطن العربي في ذهول وتعجب من هذا الأمر فإيران المتقدمة في كل شيء والمدافعة عن ثوابت الأمة وحكوماتنا المتخاذلة في اصغر المواقف والمسترخصة لقضايا الأمة ، فكل هذه الملفات جعلت المواطن العربي وخصوصاً المصري بالإضافة الى دول الشمال الأفريقي أن يقترب من الفكر الشيعي لقوة دليله ورجاحة أفكاره ومواقفه ، فحاول علماء السوء أن يبعدوا شباب الأمة عن الفكر المحمدي الأصيل بالتضليل والشتم والتقتيل لخوفهم بل لجبنهم من مواجهة الطوفان الشيعي الذي يكتسح العالم بعلومه وأخلاقه وصفاته النبيلة وهم فارغين من كل هذا، لهذا نلاحظ علماء هل السنة قد دقوا أجراس الإنذار في مصر ولم يبقى خطيب إلا القليل منهم ولم يتعرض للمجاميع السياحية الإيرانية التي تريد أن تزور مصر للإطلاع على الحضارة المصرية القديمة والإسلامية بالإضافة للحديثة ويحذرهم من هذه المجاميع بل يريد بعضهم منعها لأنها سوف تنشر التشيع في مصر، وهي التي ستزور مصر لأيام قليلة ولا تعرف التحدث بالعربية هل من المعقول أن تغير الشعب المصري من التسنن الى التشيع ، وهذا يدلل على وضاعة المستوى الفكري لهؤلاء العلماء وضعف حججهم وأدلتهم أمام الأدلة التي يحملها هؤلاء الزوار وتخوف هؤلاء العلماء من مجرد الأختلاط معهم والتقرب إليهم عندها سينكسر حاجز الطائفية الذي بناه علماء السوء لمئات السنين وهذا ما يزعجهم و يرعبهم ، وهذا التفوق الذي يحمله الشيعة في كل المجالات وقد عجز الأخرون على مواجهته بشكل عقلائي بسبب عدم إمتلاكهم للأدوات العقلائية التي يواجه به الفكر والعلم ، نلاحظهم توجهوا الى الشتم والسباب والتسقيط ومن ثم التكفير وتجهيز الشباب للقتل بأبشع الطرق لمواجهة الفكر الشيعي ، علماً إن ما يفعله أبناء القاعدة في العراق وسوريا ما هو إلا نماذج مصغرة من إرهاب قادة المدرسة المعارضة لأهل البيت عليهم السلام وكتب التاريخ مملوءة بأبشع الحوادث التي فعلوها من صدر الإسلام الى هذه الأيام ، وهكذا عندما فشل علماء أهل السنة في مواجهة إنتشار التشيع عقلياً وعلمياً واجهه بالشتم والتقتيل لعلهم يوقفوا أنتشار النور المحمدي الأصيل ولكن هيهات ثم هيهات .
https://telegram.me/buratha