المهندس لطيف عبد سالم العكيلي / باحث وكاتب .
يعكس التواجد المفرط لأعداد المتسولين في مراب وشوارع وارصفة وساحات ومراكز واسواق مختلف مدن بلادنا الانتشار الواسع لاحد نماذج الفقر الذي اضافت له تداعيات الحروب واعمال العنف التي ما تزال تهدد امن المجتمع العراقي واستقراره امتيازات لا نغالي اذا وصفناها بالمهنية البحتة بعد ان نجح نغر من الضالين في التأسيس لمشروع نمط حرفي لا يشابه من ناحية الحاجة الى مستلزمات اقامته بقية المهن والمشروعات الانتاجية او الخدمية الاخرى التي تستوجب تامين اموال تكفي لتغطية متطلبات انشاءها .وعلى الرغم من قيام بعض الاشخاص بمهمة قيادة وتوجيه جماعات المتسولين والمتسولات والاشراف على نشاطاتها اليومية غبر المراقبة الذكية ،الا ان واقع الحال يعطينا اشارات تعكس في ثناياها حاجة بعض الذين ارتضوا لأنفسهم الجلوس على طرق المارة او قرب المراقد او المساجد لممارسة عملية الاستجداء بحثا عن لقمة العيش التي اصبحت بعيدا عن متناول اليد جراء عوامل عدة منها موروث من ايام النظام السابق واخرى متأتية من تداعيات اعمال العنف التي رافقت سنوات المرحلة الانتقالية .ولا غرابة في لجوء بعض ممن يقودون زمر الممارسون لمهنة التسول الى شراء عربات ذوي الاحتياجات الخاصة ؛لاستخدامها من قبل اصحاء يعملون بإمرتهم ،بغية ايهام الناس بمعاناتهم من العوق ،اضافة الى انتهاج بعض المتسولات من الفتيات الصغيرات اللائي يضعن نقابا على وجوههن بقصد اخفاء ملامحهن اسلوب الاغراء كوسيلة للحصول على المال .واللافت للانتباه ان كثيرا من المتسولات يمتلكن اجهزة نقالة من الانواع الحديثة التي لا يقوى على شراءها كثير من الموظفين الحكوميين لاستخدامها في اغراض الاتصالات على ان الاكثر غرابة في هذا المنحى الحرفي هو ما يتعلق بالجانب التنظيمي الذي يعكس اهتمام هذه الجماعات بالأمور اللوجستية ،حيث يجري ايواء المتسولات والمتسولين في فنادق من الدرجات المتواضعة ومنازل مؤجرة ،وبخاصة في مناطق التجاوزات ،فضلا عن تامين المسؤولين عن هذه الجماعات سيارات اجرة لنقل المتسولين وايصالهم الى مناطق عملهم التي لا يسمح لغيرهم امتهان الاستجداء فيها ،ومن ثم اعادتهم الى مقراتهم في الفنادق والمنازل ،على ان الاكثر ايلاما وحزنا في مجريات اعمال هذه المهنة هو ما يتجسد بتوظيف المرأة والاطفال في مختلف نشاطاتها والاسهام بإبعادهم عن ادوارهم الحقيقية في مهمة التربية والبناء ..وعلى وفق ما تقدم حري بالجهات المعنية ادراك حقيقة ان مهنة التسول اصبحت ظاهرة مميزة للشارع العراقي الذي يعاني ازمات على الصعد كافة بعد ان امتدت مظاهر الاستجداء الى ابعد المناطق في البلاد ،ما يفرض على الجهات الحكومية مواجهتها بحكمة وروية ،بغية تأهيل من قدر له الانتماء الى هذه الشريحة تمهيدا لدمجها مع بقية قطاعات الشعب المنتجة .ويمكن القول ان هذه المهنة المستحدثة بأساليبها غير المطروقة سابقا ،اضافة الى اتساع مساحة تأثيرها تعد اشبه بالاستثمار المحلي غير الخاضع لمفهوم الاستثمار المتعارف عليه ؛بالنظر لانتفاء حاجة ادارة هذا النوع من الاستثمار الى رؤوس الاموال التي ينبغي تأمينها لإكمال مهمة اقامة المشروعات الانتاجية او الخدمية . في امان الله اغاتي .
https://telegram.me/buratha