يبدو أن أرادات سياسية فاعلة وقوية، تقف وراء استمرار مشكلة سجل الناخبين قائمة بلا حل، طيلة هذا العمر الراشد من ممارستنا الانتخابية..فبنيسان هذا تجاوزت ممارستنا الديمقراطية مرحلة التجريب، أو على الأقل تكون قد قطعت منها مراحل مهمة ..ويفترض وبعد عشر سنوات من عمر العملية السياسية أن نخلف وراء ظهورنا الارتجال في العمل ، ويفترض أيضا، أن لا نركن الى الاستسلام للمشكلات تحت ذرائع عدم القدرة والتمكن، أو بالعمل بالممكنات فقط، أو برمي المسؤولية على بعضنا البعض..
أقول هذا وأنا ومثلي غيري من المتابعين نقف مكبرين توجه الملايين من أبناء شعبنا الى صناديق الاقتراع، لكن من بين هذه الملايين كانتا أعدادا مهمة وكبيرة قد رجعت بخفي حنين، إذ أخفقت بممارسة حقها بسبب الإرادات التي منعتهم من ممارسة حقهم...أقول إرادات ولا أقول أخطاء، لأن الخطأ بالحقوق ليس مسموحا، فالخطأ باكتشاف الناخبين عدم وجود أسمائهم في سجلات الاقتراع هو عملية إعدام لهذا الصوت، وليس ثمة وصف أقل حدة من هذا الوصف، وتبريره والتمنطق بالبحث عن أعذار واهية لحدوثه، تشبه الى حد بعيد إيجاد الأعذار والتبريرات لعملية إعدام محكوم بالإعدام عن طريق خطأ أكتشف بعد عملية تنفيذ الحكم..!
ففي الساعة الخامسة مساءا أغلقت المفوضية صناديق الاقتراع، وهكذا وفي تلك الساعة ضاعت الفرصة والى الأبد على من لم يجدوا أسمائهم في السجلات أن يمارسوا حقهم..وذلك عسف ما بعده عسف..!
ستقول المفوضية أنها فتحت مراكزها أمام المواطنين لمدة شهر كامل لتحديث سجلات الناخبين، وستقول أنها باتت بهذه الوسيلة غير مسؤولة عن ضياع صوت المواطن، وأنها عملت الذي عليها...
والقول هذا مردود جملة وتفصيلا، فالمواطن غير مسؤول بأي حال من الأحوال عن تحديث سجله الانتخابي، بل هو ليس معنيا بالأمر من أساسه، وليس من مهمته طرق أبواب المؤسسات الحكومية ومنها أبواب المفوضية للتأكد من ورود أسمه في القوائم الانتخابية..إذ أن على تلك المؤسسات ،ومها المفوضية أن تطرق بابه، سيما وأنها تمتلك كل الأدوات اللوجستية والمالية والبشرية، التي تمكنها من إتمام هذا الجانب من العملية الانتخابية..وكان حريا بالمفوضية بدلا من أن تجلس موظفيها في مراكز التحديث مدة شهر بأكمله بانتظار المواطن كي يطرق بابها، أن توجه موظفيها لطرق أبواب بيوت المواطنين لتحديث سجلات الناخبين، تماما مثلما تفعل فرق تلقيح الأطفال التي ترسلها المراكز الصحية الى أحيائنا وبيوتنا وقرانا...
إن التعكز على سجل بال هو سجل البطاقة التموينية في إعداد سجلات الناخبين هو كمن يلقي عصاه على غاربها، وليس لي إلا أن أصف المفوضية بهذا الوصف. وليس لي أن أشيد بها كما يفعل غيري، وأذا تركنا لعبة الإشادات والتثمين وغيرها من "العادات" السيئة في تداولنا الإعلامي، فإن المفوضية في المقام ألأول تؤدي واجبا ليس إلا، وإذا كانت قد أنجزت أو أنجحت أمس انتخابات مجالس المحافظات كما سترد، فيرد عليها بأنها كجهاز بشري وظيفي يقومون بعمل غير طوعي، وأن عليها أن تنجزه بأتم وجه، لا بالمتيسر الذي هو بطاقة تموين أورثها لنا صدام كمشكلة أزلية كما أورث لنا كثير من المشكلات..
كلام قبل السلام: الأسئلة عن الأسباب تقود الى الإجابات، التي بدورها تنبت في حقلها أسئلة جديدة.. وبعد ذلك يأتي النجاح..
سلام..
https://telegram.me/buratha