معلوم أن الحاجة الى الأمن مهمة بأهمية الحاجة الى الغذاء..والخائف لا يستطيع أن يأكل، ولكن الأمن ليس سلطانا بلا منازع يفرض ما يريد على أفعال المجتمع وفقا لرؤاه..الأمن وفقا لمفاهيم بناء دولة مؤسسات .عنصر حماية للمجتمع وبما يسهل حركته، لا أن يكون مسخرا لحماية السلطات بوسائل وطرائق تعيق حركة المجتمع..ومنذ أمد ليس بقليل تم تشخيص الحالة من قبل حتى البسطاء، بأن فلسفة بناء الأمن غير موجهة بأتجاه حماية المجتمع، بقدر ما هو موجه لحماية الدولة التي صممته للعمل بهذا الاتجاه..
ولقد كانت العمليات ألأرهابية التي أستهدفت أبناء شعبنا ، خير معيار لشعبنا لمعنى الأمن المتحقق في العراق..ففي معظمها لم يكن الهدف الدولة، بل كان هدف الإرهاب الدائم أبناء شعبنا الذين أكتفت الدولة بحماية نفسها وتركتهم نهبا للإرهاب...وفي موضوعة الأمن في هذه الانتخابات تكرر المشهد الأمني الذي شهدناه في الانتخابات السابقة، فالأمن لم يعد عنصر تيسير وتسيير بل صار عنصرا غير خادم للمجتمع على الأعم الأغلب...
وشهدنا بفجاجة مرة كيف تحول الأمن وحظر التجوال الى "لعبة" إجهاض وليس "وسيلة" إنجاح.، وقد كانت سيفا ذو حدين ذبح الآمال وقطع رقاب المتفائلين..إن من العصي علي وعلى غيري أن نتفهم منع حركة السيارات حتى داخل الأحياء، وإعاقة وصول الناخبين الى مراكز الاقتراع بالكيفية التي حصلت...
ولو أفترضنا أننا نريد ان نفخر بالمنجز المتحقق ونعرض تجربتنا في تحقيق الأمن في أيام الأنتخابات على العالم..فما الذي سنعرضه؟ هل سنعرض شوارع مدينة بغداد التي بدت قاحلة موحشة إلا من صبية إستغلوا منع التجوال وحضر سير المركبات بلعب كرة القدم...؟
لقد تحولت عملية أمن الاقتراع الى هدف، وليس الى وسيلة، وبدونا وكأننا نريد أن نقول أننا أنجزنا أنتخابات بلا مشكلات في الأمن، والحقيقة أننا نجحنا في ذلك أيما نجاح...! فقد أنجزنا أمنا بلا أنتخابات..!
24/5/13423
https://telegram.me/buratha