مع أني متهم دوما بإبتلاع نصف ما أكتب، لكن هذه المرة ربما ستكون صراحتي وخزة مزعجة للبعض من الساسة الذين يحسبون أني قريب منهم، لكني ما فتئت أؤكد أني قلم لا سلطان لأحد عليه، وأؤمن إيمانا توصلت اليه بالتجريب الذي هو أفضل الطرق للوصول الى الحقائق، وليس بالحدس الذي يقود الى مفازات مجهولة في أغلب الأحيان، من أن الوخز بالإبر علاج طبي أثبت فاعليته في علاج الكثير من ألأمراض في الصين، وثمة متخصصين فيه هنا في بلادي ربما أعد نفسي واحدا منهم...!
وسأحاول ترتيب الفكرة من أولها..!
إذ أن كل العمليات ألانتخابية التي مارسها شعبنا قبل هذه الإنتخابات، قد خاضتها الكتل السياسية على أساس المكونات القومية والدينية والمذهبية، وجرى ذلك على خلفية تصميم العملية السياسية التي أبتدأت بتشكيلة مجلس الحكم، وبغض النظر عن نجاح مخرجاتها من عدمه، لكنها كانت تمثل بالحقيقة أستجابة لواقع معاش يحاول الجميع الهرب منه اليوم، بعضهم يهربون منه الى الأمام والبعض الآخر يهرب منه الى الخلف...
وأحسب أن ترحال القوى السياسية على خطوط أفقية، كان هو المشهد السائد في الإنتخابات المحلية الأخيرة..وعودا على ما أُنجز من انتخابات قبل هذه التي لم تعلن نتائجها بعد، وإن كانت معالم هذه الأنتخابات قد أتضحت بما فيه الكفاية لتحديد معالم المشهد المرتبك.. ففيما عدا الكورد الذين يعرفون ما يريدون بالضبط، ولن يدخل أي منهم في أي قائمة تحمل عنوانا فضفاضا غير محدد المعالم، وبقوا على مواقعهم القومية الصارمة، وإن حصلت تغيرات أفرزتها أنتخابات برلمان ورئاسة أقليم كوردستان السابقة، لكنها تبقى تغيرات داخل البيت الواحد، وهي تعكس صراعات مصارين البطن الواحدة، لكن بقية القوى السياسية على مختلف مشاربهم وتحت ضغط استحقاقات الوقت وقلة التجربة وعدم وضوح الأهداف والغايات، يعانون من أرتباك المشهد وأهتزاز الصورة..
ونستذكر هنا ما بعد البداية...فالائتلاف العراقي الموحد(169) الذي كان قويا وممسكا بتلابيب العملية السياسية، قد تشكل في فورة لن تتكرر بعد قرن من الزمان، وما لبث أن أصبح ائتلافين هما الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون، ثم كانت"حاجة" لإعادة التشكل مجددا، وأتضح أن هذه"الحاجة" كانت "إحتياجا" قسريا فرضته عوامل شتى معظمها مسكوت عنه..! فتشكل تحالف جديد ليس بقوة الائتلاف العراقي الموحد هو التحالف الوطني.. الذي تشكل عمليا عقب الإنتخابات البرلمانية السابقة وليس قبلها، وكان تشكله على أساس من تلاقي رؤى ومصالح الإئتلاف الوطني العراقي وإتلاف دولة القانون..
اليوم وقبل وبعد الإنتخابات المحلية التي أنجزنا صفحة مهمة منها في 20 نيسان الجاري، تغيرت خارطة التحالف الوطني حتى قبل الإنتخابات..وحصل ترحال لقبائله بينيا بين باديتيه..وهاجرت من الائتلاف الوطني العراقي ثلاثة قوى رئيسيه منه على الأقل بإتجاه دولة القانون، الذي لولا هذه الهجرة لكان مرعاه قفرا..
الائتلاف الوطني العراقي هو الآخر تغيرت خارطته ودخلت قوى جديدة فيه حلت محل الراحلين، و تشكل إئتلاف المواطن كتحالف إنتخابي، ربما سيستمر وينمو ويبني نفسه ليتحول الى تحالف سياسي..
اليوم بني واقع جديد لا يمكن إلا الإقرار به والاعتراف بتداعياته ومتطلباته..الواقع هو أن خارطة قوى جديدة يفترض أن ترسم تبعا لتغير موازين القوى، فما كان ضعيفا صار اليوم قويا، والذي كان في الصفوف الأولى تراجع الى الوسط..وناهيك عن الترحال الذي أشرنا اليه..فإن من كان يترأس التحالف الوطني بسبب إنتماءه للإئتلاف الوطني فقد هذه المزية، وبالتالي فقد شروط ترؤسه للتحالف الوطني، وإن كانت موضوعة رئاسة التحالف ليست بذات تأثير كبير على الفعل السياسي...
كلام قبل السلام: الجواهر موجودة ولكنها لا تؤلف عقدا قبل أن يأتي أحدهم بالخيط..!
سلام..
https://telegram.me/buratha