ربما يتناسى أو نسي البعض الحملة الإيمانية التي قادها المقبور "عبد الله المؤمن" في تسعينيات القرن الماضي..في تلك الأيام هبط الوحي مجددا على الأرض، بعد أن كان قد غادرها برحيل خاتم الرسل صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله..الوحي الذي هبط حاشا أن يكون ذلك الذي غادر الأرض بمغادرة صاحب آخر رسالة، بل كان بعثيا ومنتميا الى دراويش الطريقة النقشبندية في ذات الوقت.!..في تلك الأيام صدرت وصايا "عبد الله المؤمن"، وكان لزاما على "الرفاق" أن يحفظوها عن ظهر قلب، وكانت تجرى لهم إمتحانات بالإيمان، وكان مهما أن ينجحوا، وإلا فإنهم سيتعرضون الى عقوبة إنزال الدرجة الحزبية..كانت الإمتحانات تؤدى في مدرسة الإعداد الحزبي، التي تحولت لاحقا وبعد سقوط نظام صدام الى مقر لحزب أياد علاوي...هل هي صدفة أم أختيار؟!.. لا أعلم..لكن من المتيقن أن بعضا من أعضاء هذا الحزب إستعادوا ذكرياتهم في تلك الأيام...!
وكنا نشاهد على شاشات التلفاز لقطات لـ "قائد الجمع المؤمن" وهو يؤدي الصلاة، كانت سجادة الصلاة لا تفارقه، وكانت تفرش له حتى وهو في رحلة صيد للخنازير البرية في مستنقعات الرضوانية والثرثار..! وكلكم شاهدتموه وهو يصلي مرتديا "البوت الأحمر"..
في تلك الأيام أيضا بدأنا نستمع في بعض بيوت البعثيين في بعض الليالي، الى أصوات الدفوف في حفلات الذكر التي يقيمها دراويش، يستقدمون عادة من مناطق تقع على حافات حمرين وشمال سامراء..وبدأنا نرى رجالا بشعور طويلة..وأنشئت في بغداد تكايا ومقرات للدراويش..معظمها في أحياء غرب بغداد..كان واحدا قرب نفق الشرطة وربما لا يزال موجودا، وآخر قرب علوة الرشيد وثالث قرب حي الشعب..وهكذا صار البعثيين دراويش مؤمنين، ولكن إيمانهم لم يمنعهم من ارتياد الحانات والنوادي التي يتعاطون فيها الخمور..فهذا شيء وذاك شيء..ولا ربط بين الموضوعين...!
حينما هوجم برج التجارة العالمي في نيويورك، لم يكن أحد يعرف أن الهجوم نتاج علاقة لم تكشف إلا قبل فترة قريبة، ربطت نظام الرئيس "عبد الله المؤمن" وبن لادن الذي توجه الى أفغانستان في تلك الأيام بالضبط..
لكن من المؤكد أن أمريكا حينما هاجمت العراق في 2003 كانت تعرف أبعاد هذه العلاقة، لأنها هي نفسها من صنعت طرفيها..! ومن المؤكد أن الأمريكان وهم المشبعين بفكرة الإنتقام من أي عدو يثخن فيهم، كان هذا السبب حاضرا في مخططاتهم حينما هاجموا العراق وأحتلوه، لكنهم وهم البراغماتيون بأمتياز تصرفوا بعد إحتلالهم للعراق وفقا لمباديء البراغماتية المعروفة.. وليس ثمة أخلاق في هذه المباديء، حيث تتموقع المصالح في المقدمة ولا شيء بعدها غير المصالح المستجدة..
كانت مصالحهم تقتضي حماية وضعهم الجديد، وتطمين حلفائهم والدفاع عن قاعدتهم الدائمة في الشرق ألأوسط، وأعني بها إسرائيل..
واكتشفوا أن مصالحهم تقتضي إبقاء مستوى محدداً من القوة البعثية، وحليفتها "القوة المؤمنة" كاحتياطي مضموم ليوم لا ريب فيه..
مصالح أمريكا اليوم ومعركتها مع إيران والشيعة في العراق وسوريا وحزب الله في لبنان، إقتضت إخراج هذا ألإحتياطي وزجه في المعركة مباشرة فيما هم ـ أي الأمريكان ـ متكئين "على صفحة" ـ مكتفين بتقديم دعم لوجستي ومالي، حلبوه من أنظمة العهر البترولية في الخليج ومملكة آل سعود...
كلام قبل السلام: العاقل لا يبني حائطا حول نفسه كي يحميها من فيضان النهر..العاقل من يضع قارباً يعبر به ذلك النهر..!.
سلام...
https://telegram.me/buratha