علي حميد الخفاجي
تسير بنا الايام اسرع من السحاب وترمي بامطارها السوداء ورد الازل لتجعل اوراقه البيضاء رمادية اللون, هكذا هي صباحات بلادي منذ حلول فصل الازمات التي استهدفت الفقراء كعادتها , وراحت تعبث بمقدراتهم لتخلق منهم تيارات متطرفة وقيادات ترفع وتنصب مثل قواعد اللغة العربية ,ورموز متحركة كحصان الشطرنج, وسيارات مظللة تسير بسرعة الضوء ورصاصات عابثة تقتل براءة الاطفال وتصنع منهم يتامى يتسلون بدموع المجاعة والفقر وتتركهم بين ارصفة الرحمة والتسول, او بين ظلامة الحاضر وفقدان المستقبل مثلما تركت الطفلة *حنين* ذات الـ4 سنوات, والتى ابصرت النور بعد زواج استمر خمس سنوات دون اطفال لتملأ البيت على جدتها الضريرة بالابتسامات وبالبكاء وكلاهما جميل , اما والدها الذي اتعبته الدنيا منذ كان طالب بالابتدائية واستشهد والدهُ في الانتفاضة الشعبانية المباركة ,واصبح المعيل الوحيد لعائلته المتكونة من خمسة اخوات والام ,وحتى اكماله كلية الاداب وحصوله على شهادة البكالوريوس وبتقديرٍ جيد, الا ان الاقدار وكثرة المحسوبية والمنسوبية في التعيين رمت به في احدى الثكنات العسكرية ليكون جندي في الجيش العراقي, وبات يحسب الدقائق والساعات ليحصل على الاجازة ويرى طفلته حنين وامه الضريرة وزوجته التي عاش معها اروع قصص الحب في كلية الاداب لتكون هي فرحتهم الوحيدة من الدنيا بعد ان توج هذا الحب بالزواج , ولكن الاقدار وسوء العابثين بمقدرات الشعب المسكين لم تروق لهم هذه الفرحة حيث قرروا ان يبعثوه في اجازةٍ مفتوحة داخل صندوق خشبي وعليه قطعة قماش تحمل اربعة الوان, لون الدم السائل بدون ذنب ولا جرم, ولون سواد قلوب السياسين, ولون الخضرة التي اضمحلت بسبب سنين العجاف, ولون حمامات السلام المذبوحة على جفون الاحلام ,وكلمة الله اكبر ,الله اكبر من عقول سجنت بأرادتها , الله اكبر على من ادخلها بزنزانة المجهول , الله اكبر على الجشع والتخلف ,الله اكبر على الطمع والتعسف, الله اكبر على الظلم والطغيان, الله اكبر على تجبر السلطان, الله اكبر على عبث الجيران, الجيران الذين ابتعدوا الاف الاميال عن قول الرحمن وماجزاء الاحسان الا الاحسان., جيران ينامون على الحان اصوات الارامل والايتام ,ويستيقظون على صوت الانفجارات والمفخخات التي يدفعون لها الغالي والنفيس من اموال شعوبهم الضائعة بين تاريخ الاجداد وثقافة الامجاد , ومن المحزن جداً ان يكون العراقي صاحب الحضارة الازلية والتاريخ الذي ما استطاعت طيه صفحات التدوين عبارة عن ريموت كونترول بيد اشباه الرجال, والعجب كل العجب ان نرى انفسنا نخسر كل شئ ولا نزال نسير بخطى رسمت لنا من الغرباء الذين لا يدرون عن مكة ولا شعابها شئ, ونقتل بعضنا بعض دون ادنى حق , اسئل اخوتي المتظاهرين اين المطالب المشروعة التي ظهرت في بداية الاعتصام تطالب باأنصاف المظلومين ,وتطبيق المادة 4 ارهاب بشكل عادل وكذلك قانون المساءلة والعدالة وغيرها من المطالب المشروعة ,والتي وقف معها وطالب بتنفيذها عامة الناس واغلب القادة واصحاب الرأي , ولكن سرعان ماتغيرت هذه المطالب واصبحت من تطبيق الى الغاء, ومن الغاء الى اسقاط ,ومن اسناد الجيش الى تشكيل جيش ثاني , يحمل الصفة الطائفية والقبلية , وبعد ان اصبحت طلبات المتظاهرين من مشروعة الى مطالب غير مشروعة ,فقدت تلك المطالب تأييد الشارع لها وانسحبت اغلب العشائر التي كانت واقفة في ساحات الاعتصام, ولم يبقى الا اصحاب المطالب الشخصية ودعاة القتل والارهاب , ولا استبعد كثيراً ما يحدث من انفجارات وقتل في بعض المحافظات الامنة ماهو الا وسيلة ضغط لشغل الرأي العام والتغطية على الجرائم التي حدثت في الحويجة وغيرها من مناطق الاعتصام, واصبحت تدار الان بأايدي خفية وجهات خارجية بعد اختفاء اغلب الوجوه السياسية المعروفة في ساحات الاعتصام, الامر الذي يبعث نذير شؤم في المستقبل ان لم تتصدى الحكومة العراقية والجهات الدينية والقادة السياسين والوجهاء والشخصيات المثقفة من ابناء البلد بحزم لما يحدث فقد ندخل النفق المظلم مجهول النهاية...
https://telegram.me/buratha