محمد مكي آل عيسى
خلال تجوالي في معرض الكتاب المقام على أرض معرض بغداد الدولي رأيت الآلاف من الكتب والعناوين والمؤلفين والتي يحتار الزائرماذا يشتري و ماذا يقرأ منها وهناك لفت إنتباهي أحد الأساتذة الأفاضل إلى أن هذه الكتب لا رقابة عليها وأن كل من يريد أن ينشر, له ان ينشر ما يريد !!ومع عدم تحققي من العبارة من المسؤولين هناك لكني رأيت بكل تأكيد توجهات فكرية مختلفة والبعض منها متعارض أو متناقض وكأن باب حرية الفكر قد إنفتح على مصراعيه فكتب للشيوعية وأمجادها وكتب تذمها وكتب تتحدث عن الإسلام وموجبية إتباعه وأخرى تروج للمسيحية وكتب تتحدث عن السحر والطلاسم والاوفاق وكتب تحرمها وكتب تتحدث عن الغريزة بصراحة وكتب أخرى تنتقدها .في خضم معركة الفكر هذه توقفت لأتساءل كيف نفعل إن كان هناك فكر منحرف يكتب وينشر ويطبع ويروج بين الناس ؟؟الفكر لا يحده شيء لا القانون ولا الرقابة ولا الحكومات أبدا ...
لقد إخترق الفكر قضبان السجون وحيطان الزنزانات ....ولا يحده حد أو يقيده قيد .....فلا يبقى إلا مواجهة الفكر بالفكر ومحاربة الفكر بالفكر.....فالفكر مجرد , والمجرد لا توقفه المادة بل يوقفه مجرد مثله , فلابد لإيقاف فكر أن نجابهه بفكر آخر والغلبة ستكون للأقوى حجة ومنطقا والنتيجة النهائية ستكون للحق وليس غير الحق .ولا خوف ولا خشية من حرية الفكر فحرية الفكر - بما تعنيه الحرية - هي أساس الإبداع والتقدم وإن إستطعنا أن نبيع ونشتري الأجساد فالفكر ما لم ولن نتمكن منه .فإنسانية الإنسان بحرية فكره وكلما إنطلق فكره كلما تألق وتجرد وحاكى موجده وحقق ذاته الإنسانية الناصعة وإذا ما رأينا حراً بفكره رأينا مكسرا لأغلال الإتباع الأعمى والتقليد المقيت .وما نراه من إنحراف فكري وهو كثير فلا أجده إنحرافا بسبب ضلال الذهن المقدس وإنما بعوامل ودوافع خارجة عن إطار التفكير العقلائي والذهني السليم وإنما هي إستجابات لمصالح وأهواء وشهوات وهذا الإنحراف الفكري مادام ليس له واقع يستند عليه فسيكون متقهقراً وإن طالت به الأيام ولا بد من أن يندحر ويزهق في يوم من الأيام .لذا فالفكرالمنحرف يواجه بسهام الأقلام ورماحها ولا يسكت بغير ذلك .وإذا تكسّرت أقلامنا فالخلل في بياننا في أدلتنا وعلينا بريها وشحذها ببراهين العقل الساطعة والحجج الدامغة كي تثبت أو تنتهي إلى الأبد.لذا فإننا نجد مدارس الفكر التي تعلم بضحالة منهجيتها تنأى بأفرادها عن أي فكر معارض بل وتخشى الإنفتاح عليه لما تجده من هشاشة في مبتنياتها الفكرية , والأمثال كثيرة على ذلك كما نلاحظه في محاربة فكر أهل البيت عليهم السلام في مصر والأردن وسوريا ودول الخليج فتابع أهل البيت ع لا يحمل سلاحا ولربما لو كان ذلك فإنه أهون عليهم من الدعوة لفكر ولعقيدة رصينة تخالف فكرهم ومعتقداتهم .والفكر لا يوقفه إلا الفكر .
https://telegram.me/buratha