تضرر المسلمون والدين الإسلامي كثيراً منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001، وتغيرت نظرة العالم عموما والمجتمعات الأوروبية خصوصا لهم، وشاعت في تلك المجتمعات فوبيا الإسلام، وسادت ظواهر الخوف من المسلم الذي كان يوصف قبل تلك الأحداث بأنه متسامح وكريم وطيب..وصارت الصورة المتسيدة على أذهان شعوب كثيرة عن المسلم صورة قاتمة جدا ة..قبل الحادي عشر من سبتمبر كانت صورة الإسلام مؤطرة بزخارف ونقوش مذهلة يقف عندها المتلقي ساعات متأملا فيها ..
بعد سبتمبر تم إمحاء هذه الصورة من ذاكرة العالم وأصبح الإنسان المسلم حزاماً ناسفاً أو عبوة لاصقة ، ورسول فناء ودمار، ولم يسلم منه حتى القبور.وبدلا من أن تنتشر قيم الإسلام أقامت الكثير من المجتمعات والشعوب مصدات وحواجز خوفا من الإسلام والمسلمين.. ولم تكتف تلك المجتمعات بالمصدات والحواجز، ولكنها شرعت على الفور بتبني إستراتيجية جديدة عمادها مهاجمة المسلمين في عقر دارهم حتى تكون المعركة على أرض بلاد المسلمين وليست على أرض تلك المجتمعات ...وبدأت السبحة في أفغانستان وكرت في العراق والحبل على الجرار، وفي معظم الأحوال إستخدموا "نوع" من المسلمين كأدوات في هجومهم .
وهكذا وخلال عقد من الزمن تسارع ت الأحداث التي أسهمت كثيراً في وصول المنطقة العربية والإسلامية إلى هذا التفكك والفوضى والبربرية واللا أمان. في بدايات القرن العشرين والذي سماه الفلاسفة والمفكرين باسم عصر التنوير، كان مفترضا أن نستفيد من فورة المعارف ونسخرها لخدمة التعريف بديننا وقيمنا وأخلاقنا، وهي كانت على الدوام محط تقدير وتفهم من البشرية جمعاء، لما تنطوي عليه من تفاصيل تتوائم مع الفطرة الإنسانية، لكن بعد سبتمبر 2001، وفيما كان العالم يسير بخطى متلاحقة الى أمام، كنا نعود القهقرى الى الوراء...لقد بدأ عصر إسلامي جديد هو عصر النكوص الذي تمثله العقيدة الوهابية وتطبيقاتها على الأرض، والمتمثلة بثقافة الموت من أجل الموت والقتل من أجل القتل..
قبالة هذا النكوص كانت أيضا تؤسس وبتؤدة عناصر مشهد إسلامي جديد مناقض لهذا المشهد ألأسود ومتجاوز له ومغاير له في كل شيء.. فقبالة النكوص يقف الإنبعاث، وقبالة القتل يقف التسامح والمحبة..وقبالة ثقافة رفض الآخر بنيت ثقافة الحوار والعلاقات التفاعلية مع كل شعوب الأرض ومهما تكن ثقافتهم..وقبالة طرح الإسلام بالصورة المشوهة التي وصفناها، والتي تزيد نفور الآخرين منه، طرحت صورة المسلم الواعي العارف بحقه المتعايش سلميا مع الآخرين..
لقد فعل الشيعة الكثير من أجل إقناع العالم بأن البشاعات التي تصدر عن "النوع" الإسلامي الآخر، ليس إسلاما بل هي شيء آخر، على العالم أن يجد له توصيفا ينطبق عليه....ومع أن جهدا كبيرا هو المطلوب لتغيير الفهم العالمي السيئ عن الإسلام الذي رسخته العقيدة الوهابية أيما ترسيخ.. إلا أن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة..
الطريق الذي حدثتكم عنه ليس بجديد على الإسلام، وهو طريق بدا مع بدايات الإسلام الأولى، والحقيقة أن الطريقين؛ طريق النكوص والطريق المنفتح على الخير كانا يسيران سوية منذ أول آذان لبلال رضي الله عنه..! وقصة هذين الطريقين معروفة، وهي التي قسمت العالم الإسلامي الى هذا الانقسام الذي لم يستطع مغادرته وربما سيبقى سائرا فيه الى أن يملأها من سيملأها قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا..
وبعودة سريعة إلى تاريخ الوهابية في ادعائها نشر الدين الإسلامي، نجد أن صفحاتهم مليئة بما فيه دمار وفناء الإنسانية، فيما صفحاتنا بيضاء تسر الناضرين.. فهل يحق لهم التحدث باسمنا وباسم الإسلام؟ وهل لا يزال البعض يعتقد أنهم مسلمون وليسوا متأسلمين؟.
كلام قبل السلام: يبدو أن الإرادة الإلهية وراء الانقسام الإسلامي، والحقائق تقول أن الخير سابق على الشر، والشر يستحدث كي يعرف الخير..!
سلام..
https://telegram.me/buratha