هل هدم مرقد الصحابي الجليل حُجر بن عدي ونبش قبره ونقل رفاته - كما ذكرت الأخبار- من صراعات الماضي ولا علاقة له بالحاضر؟ هل يهم السوريين فقط، لأنه جرى في المرقد الشريف قرب دمشق، ولا علاقة للعراقيين به؟ وهل يخص الشيعة فقط، لأن «حُجر» قتل، لرفضه التبرؤ من أمير المؤمنين عليه السلام؟إن هذا الفعل القبيح، أمر يهدد السنة، بقدر ما يهدد الشيعة.. ويهدد جميع المسلمين والعراقيين، بقدر ما يهدد السوريين.. وهو يهدد الناس جميعا، بغض النظر عن دينهم ومذهبهم وقوميتهم. فهو نهج انتشر وينتشر بين شعوب ودول كثيرة، وعنوانه الإرهاب والموت، سواء أكان في عمق التاريخ أم في الحاضر.. في مواقع السلطة أو المعارضة.. سواء وقع في أفغانستان أم سوريا أم العراق أم أميركا أم فلسطين أم أوروبا أم آسيا. وفاعله عدو الله والإنسان والإنسانية والحضارة، مهما كانت رايته أو هدفه.. كنسف تمثال بوذا، وإبادة شعب فلسطين، وقتل المسلمين في بورما وهيروشيما والأهوار وحلبجة والمحرقة، أو عندما تضرب المساجد والحسينيات والكنائس ودور العبادة، وعندما تدرس قبور الأئمة (ع) في البقيع، وعندما يسوى بالأرض برجا مركز التجارة العالمي في نيويورك، وعندما تهاجم العتبات المقدسة في كربلاء والنجف، وتضرم فيها النيران وتنهب ويقتل الناس، في القرن الماضي وقبله، وعند أعمال القتل الأعمى، والإبادة ومحو الذاكرة، وإفناء الآخر، سواء أجرت من جماعة أم نظام، من مسلمين أم مسيحيين أم يهود أم بوذيين أم كونفوشيين أم هندوس أم علمانيين، أو يقع على كائن من كان، أو أي شعب أو حضارة أو دين.. فهذه نزعات لها عمقها الفكري والعقيدي المنحرف، وهي عميقة في التاريخ، ومستمرة في الحاضر، وتوقع الفتنة المتجددة، فتستهدف الشيعة مرة والسنة مرة، وتستهدف الإمام أبوحنيفة والحضرة القادرية، كما استهدفت ضريح الإمامين العسكريين، عليهما السلام، وتستهدف الجميع، من دون استثناء، وعلى الجميع، الوقوف ضدها، إن كان في الحكم أو المعارضة.. فهذه لا علاقة لها بالصراعات السياسية والمعارك الحربية، مهما كانت عناوينها، فالسياسة لها قواعدها، والحروب لها قوانينها، إلا هذه، فلا قانون، ولا دين، ولا مذهب، ولا حياة لها.. سوى نبش القبور، ومحو الذاكرة، والإبادة، وهدم المعالم، وقتل الحياة.
https://telegram.me/buratha