حيدر فوزي الشكرجي
يخطئ من يظن أن أحداث الحويجة قد كانت محض صدفة أو سوء تدبير، فقد تم أختيار المكان والموعد بدقة وترتيب ما حدث لاحقا بخبث ودهاء.فالمكان هي كركوك مركز الصراع الكردي العربي، والمحافظة الغنية التي بدأ المتشددون من أهل السنة يرغبون بأتخاذها عاصمة لإقليمهم المزعوم على غرار الأكراد، والتوقيت كان متزامنا مع أنتخابات مجالس المحافظات لضرب العملية الديمقراطية التي طالما أنتقدوها، والتخطيط لما يحدث لاحقا كان حاضرا من خلال خلايا أرهابية موجودة في المناطق السنية مثل تكريت والأنبار والموصل، وكانت ساعة الصفر لتحركها هي هجوم الجيش على أعتصام الحويجة.أن الهجوم على نقطة التفتيش وسرقة السلاح الحكومي ولجوء الجناة إلى ساحة الأعتصام كان عمل مدبر لأستفزاز الجيش، فمن المعلوم أنه لا توجد قيادة تستطيع تجاهل مثل هذا العمل لأنه يمس هيبة الدولة، والأمثلة على هذا كثير منها ما حدث في أمريكا حينما أعتصمت مجموعة مسيحية متشددة في مزرعة تملكها وهددت بقتل من يحاول دخولها، وبعد محاصرة المزرعة من قبل الشرطة الفيدرالية لفترة من الوقت تم حرق المزرعة وقتل أكثر من فيها وكان من ضمنهم نساء وأطفال.طبعا قد يستنكر البعض أستخدام القوة المفرطة في مثل هذه المواقف ويتعجب أنه التصرف الصحيح، ولكن الحقيقة أن المواطن بحمله السلاح تخلى عن حقه الدستوري كمواطن وأصبح كالعشبة الضارة التي يجب أزالتها من المجتمع، والعراق من أكثر الدول التي عانت من هذا حيث أن أكثر الإرهابيين ينجحون في الهرب من السجن ليعودوا لأعمالهم الإجرامية، كما أن جزء كبير من تمويل هذه المجاميع من العمليات الإجرامية كأبتزاز المواطنين وعمليات الخطف والسرقة المسلحة.وكي لا افُهم بصورة خاطئة فأنا لا أبرئ ساحة الحكومة من الأحداث بل بالعكس، فالتقاعس عن تلبية مطالب المتظاهرين الشرعية (مثل أطلاق سراح المظلومين وتسريع الأجراءات القضائية والنظر بقانون المسائلة والعدالة)، كان السبب الرئيسي في تسهيل مهمة أختراق المتظاهرين من قبل المتشددين والعصابات الإرهابية، وهؤلاء هم من رفعوا سقف المطالب لأنهم لا يريدون حل المسألة بل يتمنون تعقيدها، ومن ناحية أخرى فالفساد وعدم فعالية الخطط الأمنية ساعدهم بالتنقل بحرية بين محافظات العراق.كما كان لبعض القنوات العراقية والعربية المدفوعة والمغرضة دور كبير في صب الزيت على النار، من خلال تضخيم الأحداث وأختلاق الأكاذيب ولولا الأبطال الخمسة الذين قدموا أنفسهم قربانا على مذبح الحرية، لتأجج الوضع ووصل الى ما لا يحمد عقباه، فإستشهادهم ذكر الجميع بفترة الطائفية المقيتة التي كانت لا تفرق بين سني لو شيعي. أن العراق بات مرتعا للقوى العربية والأجنبية صغرت أم كبرت، وهذا يضع على مواطنيه وحكومته مسؤولية أضافية وهي عدم الإنجرار وراء الأفكار الطائفية وتحكيم العقل والمشافهة في التصرف مع الأزمات والمشاكل العالقة لتفويت الفرصة على من يرغب بالتصيد بالماء العكر.
https://telegram.me/buratha