منذ أمد ليس بقليل، ربما منذ بدء ما أصطلح عليه جزافا باسم العملية السياسية في العراق ,وكمهتم بحقل من حقول المعرفة، وأعني بها ألأدبيات السياسية، وأنا في بحث متواصل عن نموذج مشابه لما لدينا هنا في مكان آخر من العالم..
والحقيقة أنني اكتشفت وبمضي الوقت أن غيري أيضا كانوا دائبي البحث عما أبحث عن..لكننا جميعا أخفقنا في الوصول الى ما نبحث عنه..!
ومع تفهم أن لكل بلد خصوصيته، وأنه يتعين علينا أن ننطلق في بناء تجربتنا السياسية من أرضنا وما تحوي، إلا أن النظر الى تجارب الآخرين أمر مهم، سيما لمن لا يمتلكون أرثا سياسيا في بناء الدولة غير ألأرث الشمولي الذي ألفناه أكثر من أربيعين عاما، هي عمر البعث بكل آلامه وآثامه، وقبلها قربة الستين عاما أخرى هي عمر أكذوبة الحكم الوطني منذ تأسيس الدولة العراقية الجديدة على أنقاض الدولة العثمانية السنية العلية، وقبلها ثلاثة عشر قرنا في تيه طويل في "خلافة" بني أمية وبني العباس ودول المماليك والسلاطين..
وفي مقطع مهم من مقاطع عمليتنا السياسية الجديدة، والتي يفترض أن نكون قد شرعنا ببنائها ونحن قد وضعنا نصب أعيننا حجم تضحياتنا، كنا بلا أعين، وتركنا غيرنا ينظر بدلا منا..!
في هذا المقطع وأعني به مقطع بناء أسلوب انتخابي يقودنا الى تداول ديمقراطي عادل وسلمي للحكم، تركنا "خبراء" الأمم المتحدة والدولة المحتلة لبلدنا يفكرون بدلا عنا، وكنا في حضرتهم مثل طلاب رياض ألأطفال، صفوفهم لا تحمل أسماءا، بل تحمل ألوانا!!..هذا صف الروضة الأحمر، وذلك صف الروضة الوردي وذاك صف التمهيدي الأخضر وذلك صف التمهيدي البرتقالي..!
وهكذا ومنذ قرابة عشر سنوات لم نستقر على نظام انتخابي عادل وسليم..
في البدء ذهبنا الى نظام القوائم المغلقة، فأنتخبنا مجبرين "ناس" لا نعرفهم ولا يعرفوننا، وكل ما يمتلكونه معارضة غير مؤكدة لنظام صدام، مع خلطة عجيبة من تشريب البامية ومرق البيبسي كولا..!..ولأنهم أمضوا أربع سنوات وهم يعتلون ظهرناـ، تمكنوا من زمامنا، وفي المراحل اللاحقة بنوا لأنفسهم ما يمكنهم من أن يستمروا أربع سنوات أخرى، هي هذه التي ستنتهي بعد سنة تقريبا، وربما سيستمرون سنوات أخرى، لأنهم دائما يعملون على تكييف الأوضاع والقوانين والأنظمة وفقا لما يريدون وعلى مقاسات أحذيتهم..! ومن بين ما صنعوه فريتي المقاعد البديلة والمقاعد التعويضية العجيبتين التي أوصلتا شخصا الى عضوية مجلس النواب بأقل من 150 صوتا..!
في مرحلة تالية، وفي انتخابات مجالس المحافظات السابقة، كان النظام الأنتخابي مبني على قاعدة القوي يأكل الضعيف..! أو الكبار يأكلون الصغار..وهكذا ذهبت أصوات الناخبين الى حيث لا يريدون، بل ذهبت وفي أعجوبة لا يمكن أن يقبلها عقل الى قوائم منافسيهم أو خصومهم..
في هذه ألأنتخابات التي أنجزنا صفحة مهمة منها للتو، ذهب الذين يفكرون بدلا عنا الى نظام السان ليغو (بالمناسبة يكتب بالأنكليزية سانت ويقرأ سان مثل سيارات رينو تكتب رينولت..!) حيث أعتقدوا أنه سيصحح هذا الخطأ، فذهبوا الى نظام يزيح فيه الضعيف القوي، وبيبدو أن هذا النظام مبني على قاعدة اللص روبن هود..حيث يقوم بسرقة التجار ويوزيع ما سرقه على الفقراء....وهو الآخر أعجب مما قبله من أنظمة..وحصيلته مجالس تشريب الكباب..! عضو لا يملك إلا أربعة آلاف دينار لكنه حصل على زوجة لكونه ينتمي الى قبيلة صغيرة!.. فيما مرشح آخر توفر على عشرة آلاف دينار، عفوا "صوت".. ولكنه لم يستطع الحصول على مقعد..عفوا زوجة، بسبب إنتماءه الى قبيلة كبيرة..!
كلام قبل السلام: ليس هناك أكثر سوءا من نظام يمارس الظلم بنية تحقيق العدالة..!
سلام...
https://telegram.me/buratha