حمودي جمال الدين
ربما ثمة قرينة تربط مابين برنامج أستوديو الساعة التاسعة الذي تعرضه قناة البغدادية مساء كل يوم, وبين أي استيج استربتيز في ملاهي العالم التي يراد منها خلق الاثاره والتمتع بنشوة التعري في نفوس زبائنها, لكن الشخوص هنا تختلف في تأديتها للأدوار, فبدلا ان تتعرى الراقصة عن كل مايسترها قطعة قطعه مدفوعة بذاتها, إلا ان مسرح استوديو الساعه التاسعه يأتي اليه المتبرعون يحدوا بهم التنافس والحماس من اجل خلع وتجريد الاخرين من زملائهم , عن كل مايسترهم من اقنعة وبراقع بغية اظهار عوراتهم ومساوئهم إمام الناس وعلى الهواء الطلق.انه حقا البرنامج الأول من نوعه في جرأته وشجاعته, ومايطرحه من وثائق ومستمسكات لايرقى اليها الشك والطعن في صدقيتها ومصدرها وحيثياتها , فضلا عن براعته وقدرته النادرة في كيفية اختياره للمواضيع الحساسة التي تدخل في صميم الحياة التي يعيشها المواطن العراقي الحالي, واقتحامه وسط غابة كثيفة يعشش فيها الفساد وتتناهبها وحوش مفترسه تتقاتل على نهم وابتلاع مصدر عيش ورزق أبناء الشعب . انه بمثابة محاكمة العصر التي يتبناها الإعلام الحر النزيه, بعد ان فقدنا القضاء العراقي الذي كان مضرب المثل بقوته وعدالته ونزاهته.إلا انه اضحى اسيرا تحت تأثير الضغوطات التي يتعرض إليها من قبل المتنفذين والسياسيين الضالعين بالفساد والمتسترين عليه.فكل من يتابع البرنامج ,ينتابه شعور بالألم والأسى, وهو يرى ويسمع من ان هؤلاء المتصارعون على كعكة هذا البلد, هم من بيدهم مقادير إدارته وقيادة دفته نحو الأعمار والاستقرار وتقديم المنافع والخدمات, لكنه بنفس الوقت ينتشي ويفرح , من ان رب العالمين لم يخذلهم, حيث اخذ الحيف من سارقيهم ,عندما يتبادلون التهم ويعري بعضهم البعض ليظهرهم على حقيقتهم ويكشف عنهم كل الاقنعه التي يتلحفون بها .فضلا على ان هذه المكاشفات العلنية والمعززة بالصوت والصورة وبالوثائق ستبقى راسخة في صدور الناس ولن يعلوها الغبار وستظهر يوما لتكون مصدر أدانه لكل من سولت له نفسه الدنيئة وتمادى للتلاعب بمقدرات العراقيين وبأموالهم, وسيلحقهم القصاص العادل بعد ان تنجلي هذه الغمة ,وتعقد محكمة الشعب ,كما عقدت لرموز النظام السابق, وسيلقون نفس المصير الذي لحقهم ,وبالتالي سترجع كل الحقوق المسلوبة من هؤلاء الجناة. ولا ندري هل إن المدعوين الذين حضروا إلى بغداد( لعقد مؤتمر مكافحة الفساد واسترجاع الأصول )ومن مختلف دول العالم كانوا يشاهدون مايعرضه هذا البرنامج من تعرية فضائح الفساد من قبل المسئولين العراقيين أنفسهم وليس من غيرهم ؟؟أليس في عقد المؤتمر في بغداد وبصيغته وعنوانه الكبير كذب وخداع ,يراد منه الظهور للعالم على ان العراق من أولى الدول في مكافحة الفساد؟؟رغما ان مرتبتنا الثالثة في العالم بعد الصومال والسودان في تفشي واستفحال ظاهرة الفساد الإداري والمالي؟؟وأننا من الدول التي تحمي المفسدين وتحارب كل من يرى في نفسه ألقدره على مكافحة الفساد واستئصال عروقه.وان دولتنا تتستر على الفساد والمفسدين وان هناك ألاف الملفات المنجزة والمرفوعة من قبل الهيئات الرقابية أو من هيئات النزاهة مكدسة ومركونة في زوايا ورفوف المحاكم دون إن ترى النور ومنذ سنوات .,وان القسم الأكبر من الملفات التي تدخل في صلب إستراتيجية ألدوله وتحديد مصيرها, تم غلقه وبقدرة قادر, كملف الاسلحه الروسية وجهاز كشف المتفجرات رغم الضجيج الإعلامي والاعترافات التي صاحبتها ومن اعلي المستويات في مراكز ألدوله والسلطة.وهل يعقل إن المؤتمرات والتنظيرات ستنقذ البلد وتجتث الفساد الذي وصل حد التخمة في العراق ؟؟أو ان التوصيات التي خرج بها المؤتمر بتأكيده (على الموروث الديني والثقافي وترسيخ القيم والسلوكيات فهي التي من شانها تعزيز ثقافة النزاهة والعمل على خلق بيئة طارده للفساد).فهل ياترى يحتاج المجتمع العراقي إلى ثقافة النزاهة ؟؟ وبعد تجربته المرة لكل هذه السنين والتي أعطته زخما ووعيا ثقافيا لامثيل له في تحسس الفساد وتلمسه من خلال تمادي مسؤولية وأحزابهم السياسية.ان المعالجة الحقيقية للفساد تأتي من ألرقابه والمتابعة والتي تقترن بالمحاسبة والعقوبة الرادعة وليس باتنظيرات والمؤتمرات التي لاجدوى منها سوى التكاليف الباهضه التي ترتد على كاهل المواطن العراقي وتثقل خزينة الدوله.
https://telegram.me/buratha