باقر جبر الزبيدي
يتجدد عام الحزن كل عام كلما لاحت الذكرى السنوية لشهادة الامام محمد باقر الحكيم(رض) لكن تلك الذكرى من وجهة نظري ومن خلال معايشتي للامام الشهيد لن تكون عام رمادة وحزن ومراثي خصوصا وان الامام الحكيم قضى حياته الشريفة في الثورة واستنباط الاحكام والعلاقة مع الله ومع الامة وامال شعبه..ان الذكرى السنوية لهذا العام تطرح عنوان الوحدة الوطنية لان الامام كان شهيد هذه الوحدة وقتيل اية الشورى التي الزمت الفقيه اقامة الدولة الاسلامية على اساس الانفتاح على كل المرجعيات الدينية لتكون الدولة العصرية الحديثة هي العنوان لان الله هو غاية الانسان وهو ملتقى مفهوم الدولة المفتوحة على كل الفئات وليس الدولة المقيدة!.
عشت الامام الحكيم منذ اكثر من اربعين عاما وهو منذ العام 1967 مجتهد بفتوى اية الله العظمى الشيخ مرتضى ال ياسين لكنه كان يفكر بالاسلام نظاما ينفتح على كل القوميات والاديان لصياغة وطن خارج الاطر التي تضيق على الانسان رؤية الحرية والعدالة والمساوة والتوازن وبهذا كان الاحتفاء بذكرى شهادة الامام يوم الشهيد لانه كان الشاهد بفكره على قيام حكومة الانسان والشهيد الذي تقطعت اوصاله من اجل كرامته وعزته ولو كان الامام الشهيد حيا للان لانتقل الى حيث يريد العراقيون ان تكون لهم الاهداف فهو المنفتح على الناس وربما امضى الامام كل حياته في سبيل الناس لايمانه ان الابدية هي في هذا التوازن المنقطع النظير في الضرورة التي تنطوي عليها نظرية (ولولا حبل من الله وحبل من الناس) وكان المثال الكبير في العلاقة بالله وهو المتهجد القائم الساجد وفي العلاقة بالناس عبر الانحناء للمطالب والاستجابة للضرورات المجتمعية وعدم
ترك الناس تتلظى في جحيم المفخخات ايها السادة المحتفلون بالذكرى السنوية الراهنة!.
وجد العراقيون بالامام الحكيم رجل الوحدة الوطنية في ال30 سنة من النضال الوطني ضد الدكتاتورية والاستبداد وفي العمل على تاسيس الدولة العراقية الحديثة ولم اجده ولامرة متشائما او منكفئا او متراجعا وهو يعقد الامال على شعبه وعلى خط المقاومة المسلحة الوطنية التي قادها بجرأة وشجاعة ولم تفل عضده جريمة اعدام اكثر من 60 عالما من اسرة الامام السيد محسن الحكيم.. كان متفائلا بالنصر ويفند بقوة كل الظواهر التحليلية التي كانت تعتقد خلاف ذلك مايعني ان الامام كان على ثقة بنصر الله المؤزر وعلى ثقة ممائلة بالوحدة الوطنية وصمود شعبه.
كان يؤمن باية الشورى التي لاتشكل بالضرورة شرعية للحزب في الاسلام وتعطي الاولوية له في ادارة شؤون الامة قدر ماتعطيها للعلماء والفقهاء واهل الراي من هذه الامة المتنوعة المجبولة على الثراء الفكري الاسلامي المسيحي العربي الكوردي السني الشيعي وان الشورى نظام صالح لادارة دولة منفتحة غير مقيدة وهو بهذا يمثل الكواكبي في الدعوة الى الحرية والمساواة والخروج من نفق الاستبداد ووضع الحدود الشرعية للحاكم والحكومة وهو يناغم الامام السيستاني في قيام حكومة تلبي شروط الانسان دون ان يكون هنالك فقيه على راسها ويحتفظ الفقيه بدور الرقابة الروحية والاشراف غير المباشر ولا يتدخل في التفاصيل اليومية.
محمد باقر الحكيم كان فرصة مجتمعية اكثر مماكان زعيما لاطار سياسي او قائد وطني بالمفهوم العام للكلمة وكان الالتزام بعينه في القول والعمل وفي الفعل المضني من اجل الاهداف التي قاتل فيها اعتى طاغية وكان له مااراد..كان الفرصة الاغلى في ان تستفيد منه تلك التجربة وتنهل من فكره ورؤيته السياسية والروحية المتقدمة فهو وماكريوس في صف واحد وهو ولوموبا ومارتن لوثر كينغ والمهاتما غاندي على درجة واحدة في الاستلهام والموقع المتقدم وتمثيل ارادة الناس.
ان الوحدة الوطنية رغبة ستبقى حبيسة الصدور المغلقة اذا لم تسعفها رئة فقيه ورؤية قائد لايساوم على ذرة تراب ولا يتنازل عن حقوق شعبه وهو ماعرفته في الامام الشهيد الذي وقف الى جانب اهداف الشعب العراقي طيلة سنوات الدكتاتورية البغيضة مجاهدا فذا وعالما كبيرا وانسانا لم يهن ولم يحزن مرة وهو يقارع الطاغية فيما كانت مطارات العالم مفتوحة امام النظام وكان مرحبا بجلده للعراقيين فيما كان الامام محاصرا فوق حصار اهله وناسه!.
علينا ان نعي بهذه المناسة الحاجة الى الرمز الذي يوحد ولايفرق ويلم الشمل ولايشتت والى القائد العارف باحوال زمانه ومكانه الذي يسعى لجمع العراقيين على كلمة سواء وان لايكون جزءا من مشروع الفتنة او طرفا في الصراع مع ادراكه ان الصراعات العرقية او القومية او الطائفية ستغرق الناس في الفوضى غرق الميسانيين الان في مياه الامطار بل اشد فتكا وسوءا وخرابا..واذا كانت الامطار اغرقت مناطق شاسعة في العمارة فان الحروب الطائفية ستغرق الناس بالدم ونادرا ماتكون حلول تلك الفتن سياسية اذا لم ترتكز بالاساس على محور الدم!.
هنا لابد ان نستذكر الدور الذي قام به عزيز العراق في استكمال مشروع بناء الدولة العراقية وكتابة الدستور وقيام الائتلاف الوطني الذي مثل الركيزة الاساسية في بناء التحالفات الوطنية التي افضت الى تشكيل الحكومات العراقية المتعاقبة وقدم الائتلاف بزعامته الكثير من التضحيات حفاظا على الوحدة الوطنية وسيادة العراقيين على وطنهم وتبنى بجد واجتهاد مشروع اخراج العراق من ضغط البند السابع فضلا ان السيد لم يكن فئويا او حزبيا ولم يتخندق في اطاره السياسي للحصول على مكسب هنا او منصب هناك بل انصبت جهوده على انجاح التجربة الديموقراطية..رحم الله شهيد الوطن الامام الحكيم وعزيز العراق.
https://telegram.me/buratha