نسي كثيرون نكبة فلسطين.. والاخطار الكبيرة التي حملها المشروع الصهيوني ليس على ارض فلسطين وشعبها فقط بل على شعوبنا ومنطقتنا والعالم اجمالاً.. ففي تشرين الثاني 1947 صدر قرار التقسيم.. ووضعت القدس باشراف دولي.
كانت اعمال القتال والتهجير والاستيطان قد بدأت قبل ذلك بكثير من قبل جماعات الهاجاناه والارجون وغيرهما، ليسارع اعلان انهاء الانتداب في 15/5/1948 الاحداث.. فاعلنت الدولة العبرية وعين بن غورين رئيساً لحكومتها المؤقتة..فسارعت الدول العظمى كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفياتي للاعتراف بها.
لم تكن المسألة اقتطاع قطعة ارض او تضامن مع اشقاء او مأساة مهجرين فحسب، او شأناً يتعلق بجغرافية او ارض فقط.. او مشاعر قومية او دينية مجردة، بل كانت وما زالت عملية تتعلق بوعينا التاريخي الذي اقتحمته احداث كبرى انقسمنا حولها بدون قيادات حقيقية.. ورؤى تاريخية تلم بظروف المنطقة وشعوبها، وعوامل نهضتها وقوتها، تجمع بين المبدئية والواقعية في آن واحد. فلسطين تكشف لنا اننا لم نزل شعوباً ودولاً بدون مشاريع جدية.. اسرى الواقع يسيرنا دون ان نتمكن من تسييره والسيطرة عليه.
ثار من ثار من المخلصين.. وقدم الملايين ارواحهم واموالهم وسنوات عمرهم -دون ندم- من اجل فلسطين.. واندلعت الحروب.. وهب من هب من الضباط والوطنيين.. لنؤسس في النهاية نظماً واحزاباً عسكرت دولنا ومجتمعاتنا، سرعان ما تحول معظمها لنظم استبدادية دكتاتورية جعلت عدوها الاول شعوبها قبل اي عدو اخر..فتقاتلت واستهلكت قواها فيما بينها، وقاتلت شعوبها اكثر مما قاتلت لنصرة فلسطين وقضيتها، وما عنته وتعنيه لنا.
فلسطين تستفز واقعنا وسياساتنا ودولنا واحزابنا ونظمنا كما استفزته طوال العقود الماضية. البعض يعتقد ان الخلاص هو الهرب من فلسطين.. واخرون يرون ان الخلاص هو نسيان كل شيء عدا فلسطين.. ولكن هل فلسطين شيئ خارجنا لنهرب منه.. او هي كل جغرافيتنا وشعوبنا لنحاصر انفسنا بها.. فلسطين تريد منا شعوباً قوية.. ونظماً ودولاً تحترم بعضها.. كما تحترم كرامة وحقوق مواطنيها.. تمتلك من القدرة والقوة اقليميا ودولياً ما يمكنها من ان تجعل من فلسطين عنوان وعيها الذي يجمع بين الواقعية والمبدئية، ويستثمر كل عوامل النكبة وما اعقبته من تجارب عظيمة ومؤلمة.. ليقدم وعياً توحيدياً ملماً بعوامل النجاح والنصر.. يستطيع ان ينهي العدوان ويحرر الارض والانسان.
2/5/13518
https://telegram.me/buratha